+
أأ
-

أ.د صلحي الشحاتيت يكتب : «كامبلْ؛ وَثيقتكَ طبقت بحذافيرها، فنمْ قريرَ العينِ»

{title}
بلكي الإخباري





في عام 1905 دعا رئيس وزراء برطانيا هنري كامبل رؤساء سبع دول أروبية هي: انكلترا، فرنسا، إيطاليا، إسبانيا، البرتغال، بلجيكا وهولندا، إلى مؤتمر سري في بريطانيا استمر حتى عام 1907. خلص إلى «وثيقة كامبل السرية»، التي تهدف إلى وضع مخطط حيال مناطق العالم وبالأخص الوطن العربي.
هذه الوثيقة السرية أخطر وثيقة وضعت لاحتلال العالم العربي، حيث تعتبر «البحر المتوسط، الشريان الحيوي للاستعمار، والجسر الذي يصل الشرق بالغرب، والممرالطبيعي إلى القارتين الآسيوية والأفريقية، وملتقى طرق العالم.» والإشكالية في هذا الشريان، حسب الوثيقة، أنه يعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية شعب واحد تتوافر له وحدة التاريخ والدين واللغة.
من أبرز توصيات هذا المؤتمر:
أولاً: إبقاء شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة ؛ وعليه تم تقسيم دول العالم إلى ثلاث فئات؛ الأولى: وهي دول الحضارة الغربية وتضم بريطانيا ، و أوروبا، وأمريكا الشمالية, واستراليا، ومن الواجب دعمها مادياً وتقنياً.
الفئة الثانية: هي دول لا يوجد تصادم حضاري معها كدول أمريكا الجنوبية واليابان وكوريا وغيرها, وهذه الدول يجب دعمها واحتواؤها بالقدرالذي لا يشكل تهديداً عليها.
اما الفئة الثالثة: وهي بالتحديد الدول العربية بشكل خاص والإسلامية بشكل عام، فالواجب تجاه هذه الدول هو حرمانها من الدعم واكتساب العلوم والمعارف التقنية، لأن هذه الدول تحتوي على منظومة دينية منافسة للمنظومة الغربية ويوجد تصادم حضاري معها وتهديداً لتفوقها.
ثانيا: محاربة أي توجه وحدوي فيها؛ لأنه باعتقادهم أن المنطقة العربية من الخليج إلى المحيط ضعيفة جاهلة؛ لكنها تمتلك كل مقومات النهضة، والأهم أن أهلها يتبعون ديناً واحدا ولغة واحدة، بالإضافة لإحتوائها على جميع المواد الخام التي يحتاجها الغرب، وموقعها الاستراتيجي المهم ؛ لكن ما ينقصهم هو القيادة وما إن وجدت ستنهض هذه الأمة وتتوحد.
ولمحاربة التوحد العربي؛ دعا المؤتمر إلى زرع جسم غريب، أي إقامة دولة تكون بمثابة حاجز بشري قوي ومعادٍ؛ يهدف إلى: فصل الجزء الإفريقي من هذه المنطقة عن الجزء الآسيوي، وأن يكون ولاؤه للغرب. وهذا يجعل المنطقة في حالة من عدم توازن والاستقرار، وبالتالي منع نهضة الأمة العربية.
ثم جاءت بعد ذلك الاتفاقيات المكملة لوثيقة كامبل ومنها: اتفاقية سايكس بيكو، وتوالت حتى تم إعلان قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، وتبعته وثيقة إعلان دولة إسرائيل.
كيف تبدو صورة المشهد على أرض الواقع بعد مرور أكثر من 112 سنة على وضع «وثيقة كامبل»، وأكثر من 103 سنوات على مؤتمر سايكس بيكو؟ .أصبح واضحا أن جميع ما رسمته الوثيقة قد طبق، وأن الكثير من المؤامرات قد حيكت ضد الشعوب العربية. وها نحن اليوم نجني ثماره المرة.
ففي الوطن العربي اليوم جسم غريب هو «الكيان الاسرائيلي» , بالإضافة إلى أن الوحدة والاندماج باتا مفقودين بين الدول العربية، بل أن الإنقسام والتشتت هو السائد، ولا شك أن التفاوت العلمي الحاصل بين الدول العربية والإسلامية المبني على التبعية الغربية يحول دون تأسيس الكوادر البشرية، وبناء الأرضيات العلمية التي تسهم في التنيمة والخروج من دائرة التبعية.
لا بد أن نعترف أنه آن الآوان كي يطلع الجيل الناشئ على هذه الوثيقة، وأن يأخذ على عاتقه مشروع النهضة العربية، والسعي من أجل حياة أفضل للأجيال القادمة، فالتاريخ مرآة الشعوب والأمم التي تعكس ماضيها تترجم حاضرها فتستلهم منه مستقبلها، والأمم التي لا تقرأ التاريخ تفقد حاضرها ويضيع مستقبلها ولا شك أنها ستظل أسيرة أعدائها.






جامعة مؤتة