ضرغام هلسة يكتب : قرية حمود نموذج ناجح للتكافل الاجتماعي والعمل التطوعي

كيف تدب الحياة في مفاصل القرية الوادعة التي بنت تاريخ وجودها وتراثها الاجتماعي انطلاقا من عقل جماعي متكافل ومتضامن واجه صعوبة المكان وتحدى تصاريف الزمان
كل هذا لم يكن أن يتم لولا وجود رجالا ونساءا اقتحموا عالم العلم والمعرفة واسسوا مجتمعا تكامليا استكملوا به مسيرة الآباء الاوائل المؤسسين منذ نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين حيث أسس الأهل قريتهم في بؤرة مناسبة من ملكية أراضيهم في محيط موطنهم الاصلي الكرك مدينة التاريخ والمجد
فكانت حمود قرية نموذجية بمعنى الكلمة اخذت أبعادها وطريقة بناءها كل مواصفات القرية الشامية من بيوت تتمدد أفقيا وتتلاصق جدرانها بعضها ببعض ويحيط بها حوش كمساحة للعمل والحركة والإنتاج فشكلت الطاقة بين البيوت وسيلة تواصل توصل اول بيت في القرية الى اخر بيت
فكانت فكرة التضامن والتكافل تؤخذ بعدين البعد الاول الروحي المبني على رابطة الدم بين أبناء القرية والبعد الثاني حاجة الناس الواقعية لبعضهم البعض وانتشار مفهوم التعاون بين ابنائها بمسميات مختلفة عبر تعدد المواسم.
وعلى الرغم من كل التحولات الاجتماعية التي اجتاحت مجتمعنا الاردني إلا أن الموروث كان يشدنا لإنجاز فعل تكاملي يعطي لقريتنا روح إيجابية من خلال بناء حالة إنتاجية نسعى لتطويرها لكي تكون جمعية حمود الخيرية أداة إنجاز منتجة وليست جمعية تتلخص مهمتها بتلقي المعونات والمنح والمكرمات ومن أجل ذلك كان الحوار الجاد بين أعضاء الهيئة الإدارية والهيئة العامة والفعاليات الاجتماعية من الرجال والنساء في كيفية توفير معنى جديد لدور الجمعية فاجمع المشاركين في الحوار على تأسيس مطبخ انتاجي يقوم بتصنيع مؤنة غذائية مستفيدين من خضروات الصيف وفاكهته لكل تكون موائدنا في الشتاء عامرة بمربياتها ومخللاتها
إذن الفكرة كانت انتاج جمعي لكل من كان مهتما في تطوير أداء سكان القرية ورسم حضورا لهم على خريطة الوطن
فكانت الجمعية هي الحاضنة للفكرة أما المنفذين فهم شباب القرية وكل ضمن مسؤلياته وبالاخص أعضاء الهيئة الإدارية
وكانت عناوين العطاء سيدات المجتمع في القرية والمحسوبات كفعاليات اجتماعية على صعيد محافظة الكرك فمنهن ربات البيوت المتعلمات والمعلمات والموظفات والمهندسات وكلهن متقاعدات سيدات بيوت نعتز بهن ونفتخر
فهن امهات خير ومحبة واخوات ود واحترام
فقد تطوعن للعمل فكان إنتاجهن مميزا بكل المقاييس نظافة وطعم ومصنوعية بطريقة نوعية حيث أن المشرفة على العمل مهندسة زراعية تخصص انتاج غذائي هي المهندسة ايمان برقان بطارسة ويساعدها سيدات من خيرة النساء والمعروف عنهن الابداع في تقديم الطعام من نفس زكية
وكم كان بودي أن أضع اسمائهن جميعا ولكن لا اريد ان انسى اي واحدة منهن وتركت نشر اسمائهن ليوم تكريمهن على عطائهن
ليلة أمس كنا معهن فجاءت السيدة اريج خيطان وقالت ما دام انتم قاعدين معنا شو رايكم نجيب لكم جاط لتقشير الثوم فوافقنا
فذهبت وعادت لنا بعد وقت وإذ هي تحمل ابريق قرفة مع الكاسات قائلة انتم اشربوا قرفة فوجودكم معنا يشجعنا على الابداع في العمل وشربنا قرفة ولم نقشر ثوم ومع ذلك كنا نعيش معهن لحظات فرح وسعادة لا مثيل لها
شكرا لهن والف تحية لجهودهن الطيبة واعترف مع غيري بأنهن يكتبن صفحة خالدة في تاريخ قريتنا بكل تأكيد سيتم البناء عليها لما فيه من خير للقرية ولمحافظة الكرك
أنهن النموذج لعمل تطوعي ناجح نفتخر به ونقدره