احمد الحوراني : عدنان سطعان عبيدات مـن كفرسوم إلى الخليل

بلكي الإخباري
أول من أمس شُيّع في بلدة كفرسوم في لواء بني كنانة في محافظة اربد جثمان المرحوم عدنان سطعان عبيدات عن عمر ناهز التسعين عامًا، وفيما طالعت من محطات من حياته التي يمكن وصفها بالعريضة والممتدة، وللتعريف بشيء من سيرة الرجل التي أوردها في كتابه الصادر للعام ألفين وعشرين ميلادية، ولمن لا يعرفها وهم كُثر لقلة توثيق حياة الرجال الأوائل، فإن إطلاع القارئ على جوانب تُؤكد الحقيقة الماثلة بأن الأردني كان وسيبقى الأقرب لشقيقه الفلسطيني، ولربما يوقن العارف بسيرة أبي علاء كُنه ما نقول عندما يجد أن مكوّنات هذا الرجل الراجي من ربه الرحمة والمغفرة، كانت تجسد خليطًا متجانسًا لأبهى صور العروبة، بعدما أمضى نحو خمسة عقود من عُمره في خدمة الأهل في فلسطين ومدنها وقراها، في الوقت الذي اختار شريكة حياة له من الخليل التي أحبّ، دون القفز على والده ابن عشيرة العبيدات وحيث مسقط رأسه في بلدة كفرسوم التي ضم ثراها جثمانه إلى يوم يُبعثون.
تلقى أبو علاء تعليمه في مدارس كفرسوم حتى منتصف الأربعينات ثم انتقل الى مدرسة اربد الثانوية، وحصل منها على الثانوية العامة سنة أربعة وخمسين، ثم عُيّن مُدرسا في كفرسوم وشهدت حياته مواقف مشهود لها إذ كان مؤمنًا ببناء جيل من الشباب المنتمي لوطنه العربي وقضاياه المصيرية وكان متمسكًا بمسألة التربية الوطنية بإطار عملي حيث قام بترجمة ذلك في أكثر من جانب كان أهمها حرصه على اصطحاب طلبة المدرسة في رحلات الى مدن فلسطين كانت أبرزها الرحلة التي قام بها سنة ستة وخمسين وعرّف فيها الطلبة على مدن نابلس وأريحا والخليل وبيت لحم والقدس ورام الله ونابلس وطولكرم، مروراً بالمفرق وعمان، كما ذكر في مذكراته قيام الطلبة بلقاء شخصيات قيادية سياسية مهمة حيث ومنهم المرحوم عبد الله الريماوي رئيس مكتب حزب البعث العربي الإشتراكي في القدس.
بعد عام وتسعة أشهر فقط كان الأقدار بانتظار الراحل عدنان عبيدات الذي انتقل إلى العمل في دائرة التعاون وكانت بداياته بتأسيسه لجمعية كفرسوم التعاونية للتسليف والتوفير والتي قادته فيما بعد لقضاء خمسة عقود في هذا المضمار الذي أحبه وكان جُلّه في مدن فلسطين سنة خمسة وخمسين، بدأها في مدينة نابلس رافق خلالها فتحي شديد لزيارة أمين الحزب القومي السوري، ومع مرور الوقت تنقل عدنان بين عدة مدن وقرى فلسطينية وكان مديرا للتعاون في الخليل واستطاع تأسيس العشرات من الجمعيات الخيرية في دورا والظاهرية وبئر السبع وقلقيلية، وخلال عمله حصل على بعثة لجمهورية مصر العربية في نهاية الخمسينيات، ثم واصل خلال مسيرته تحصيله العلمي حيث حصل على الشهادة الجامعية في علم الاجتماع من جامعة دمشق ثم غادر مبتعثًا الى ويسكانسن حصل خلالها على شهادة علمية عززت خبراته العملية التي عاد من أجل توظيفها في العمل التعاوني وخدمة الأهل في فلسطين.
عدنان عبيدات كان أردنيا حتى العظم وخليليا حتى النخاع، كان عروبيا لم تنل منه مواقف الاضطهاد والزج به في سجون الاحتلال حتى إنه وبعد العام 1967 رفض البقاء بالعمل مديرا لتعاون الأغوار وقرر العودة إلى الخليل حيث أمضى حتى العام ألفين وأربعة، ولقد حدثني على امتداد عام ونصف في كتابه مذكراته عن الكثير مما يستحق القراءة والإشادة، وعدنان تميز أنه أبقى على ولائه لوطنه الأردن وقيادته الهاشمية، وظل فخورًا بأنه ابن بني كنانة وابن الاردن الصادق في محبته والفخور بانجازات قيادته



















