صالح الراشد يكتب : من يصلح الإعلام إذ هوى..؟

نصاب بالدهشة ونحن نشاهد ما تبثه بعض القنوات الفضائية أو حين نقرأ ما كتبه بعض الإعلاميين، لندرك حينها انهم مراهقين تسلموا قلماً أو بالصدفة حملوا مايكروفون، وتصيبنا الحيرة كونهم لا يملكون القدرة على فهم ما يجري في الساحة الشمولية ولا يدركون أن الأولويات لبناء علاقات وطنية قومية اجتماعية، لنجد أنهم قادة للفُرقة وهذا أمر ليس بتخطيط منظم او لرغبة في إلحاق المزيد من الاضرار بأمة ضلت طريقها، بل يقومون بعملهم الهدام بجهل وضعف ثقافة وعدم قدرة على فهم الأولويات، إضافة إلى رغبات جارفة في البحث عن شعبويات وزيادة عدد المتابعين بغض النظر عن المادة التي يقدومها للمتلقين الذين يعتقدون أن هؤلاء الإعلاميين منارات يُهتدى بفكرهم، لنجد أنهم مجرد منارات لدعاة الحقد والكراهية والتنمر مما يأخذ الأوطان صوب زيادة تعقيد العلاقات وفتورها مع الآخرين.وهذه الأمور تحدث في الإعلام السياسي والاقتصادي ويمكن التصدي لها كون المتابعين لهذا النوع من الإعلام أعداد قليلة جدا عدا العدوان على غزة، ويملك المتابعون ثقافات تخصصية تجعلهم يميزون الخبيث من الطيب، ويوقفون الباحثين عن انتصارات خاصة من إعلاميين عند حدود المعرفة وأوليات المصالح الشمولية التي يكون لها الأولوية، ويتصدون للقنوات التي تبث الرسائل الهدامة وتحاول قتل الأمل في شعوب الأمة، لتظهر المعضلة الكُبرى في الإعلام الرياضي حيث يفتقر عدد كبير ممن قفزوا على هذه المهنة للثقافات المتعددة والخاصة والتي تُجيز لهم الحديث في شتى الأمور، لنجد أن عدد منهم يتدحرجون لنهاية صفوف المشجعين ويتخلون عن مهنية الفكر وتقودهم العواطف.وبرز الوهن الإعلامي الرياضي في التعاطي مع نتائج بطولتي كأس آسيا وكأس أفريقيا، حين وجدنا أنهم وبأعداد كبيرة يركزون على القشور وهي الاسباب الآنية للخسارة والخروج، ونادراً ما يتطرق أحدهم للأسباب الحقيقية كونها تجعلهم في مواجهة رجال السياسة والاقتصاد، وهو أمر ترفضه المؤسسات الإعلامية حفاظاً على علاقتها مع قيادات المجتمع ولأن هذه المؤسسات لا تعتبر الرياضة أولوية بل مجرد إضافة شكلية على مظاهر الحياة، لذا لا ضير من وجود عدد ممن لا يدركون الأولويات لكنهم قادرين على العبث وإلهاء المتابعين عن الخوض في أسباب التراجع الحقيقية للحفاظ على ذات الوجوه في إدارة المنظومات.ومن هنا نجد أن تراجع الإعلام الرياضي في الوطن العربي محصلة لتولي من هم بلا خبرات إدارة المؤسسات الإعلامية، وإصرار هذه الإدارات على أن أي عابر سبيل يصلح للعمل في هذا المجال كونهم لا يدركون خطورة الإعلام الرياضي لسهولة وصوله ولأنه يخاطب بشكل خاص فئة الشباب الذين يمثلون القوى العاملة في الدول وأجيال الشباب ، لذا يجب أن يمتلك العاملون في الإعلام الرياضي ثقافات شمولية في شتى أمور الحياة من سياسة واقتصاد وتركيبة اجتماعية ودينية حتى يكون تأثيرهم ايجابياً وليس تدميرياً.آخر الكلام:قالت العرب قديماً "يا رجال العلم يا ملح البلد.. من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد”، فاذا فسد الإعلام فمن يُصلح الحركة الرياضية وعلاقات الجماهير من أندية ودول، ففاقد الشيء لا يُعطيه لذا يجب فرض الثقافة الشمولية على الإعلام الرياضي بعد الهرج والجهل اللذين تزايدا في كأسي آسيا وأفريقيا



















