بشار جرار : آخر الاثنين نشامى

أخط هذه السطور لمناسبتين غاليتين على أكثر من ثلاثمئة وستين مليون نسمة «نَشَمه» بالآرامية، العربية العتيقة. هي النسمة -الروح- التي نفخها الله في جدنا آدم فصار إنسانا وقد كان صلصالا، وصار الأصائل من نسله فيما بعد نشامى.عيد الاستقلال الأردني الثامن والسبعين حلّ هذا العام السبت بفارق عشية وضحاها، عن العيد الرابع والخمسين ليوم الذكرى في بلاد العم سام. نشامى القوات المسلحة على نحو خاص وبين جيشي البلدين من علاقات الشراكة والصداقة التي أرسى قواعدها الراحل العظيم الحسين الباني طيب الله ثراه وأعلى وعزز صرحها سيدنا عبدالله الثاني رعاه الله، نشامى الأردنيين والأمريكيين العسكريين يعرفون أكثر من غيرهم ماذا يعني الاستقلال الذي تعمّد بدماء الآباء المؤسسين ومازال الوطنيون المنتمون يمدونه بالدم والنور والنار إعلاء لرسالة الوطن، منارة للجوار والعالم، وأمانة لفلذات أكبادنا من الأبناء والأحفاد.في يوم الاستقلال -السبت- وعشية الذكرى -الإثنين- أخط هذه السطور حيث العيد الأردني ثابتا على الخامس والعشرين من الشهر الخامس من كل عام ميلادي، فيما العيد الأمريكي معقود على آخر اثنين في مايو أيار، شهر تفتح الزهور في أمريكا.تابعت بعد رياضتي الصباحية البسيطة والمجانية -وهي المشي لساعتين بسرعات وإيقاعات مختلفة لغايات صحية رياضية والأهم روحية بحيث تكون صلاة دعاء ويكون تأمّلا- تابعت برنامجا إذاعيا تبثه قناة محلية للقطاع العمومي يشبه البث المباشر في إذاعة الوطن الأولى والأولى بالمتابعة اليومية، في الوطن والمهجر، إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية التي تقول دائما: هنا عمّان..عاتب أحد المتصلين معدّة البرنامج في واشنطن العاصمة، عاتبها بحب وأدب على تعليق بعض المتصلين من الحزبين الجمهوري والديموقراطي والمستقلين أيضا على يوم الذكرى بأنه «عيد» يتمنى الناس فيه عطلة سعيدة مليئة بالأسفار والرحلات وحفلات الشواء «باربيكيو» الشهيرة. «هذا يوم تذكّر وتفكّر وتدبّر»، هذا ما قاله فيما يمكن ترجمته لغويا وثقافيا وروحيا. صدق الرجل وقد بدى من صوته كبر العمر والقدر، وهو من المحاربين القدامى. تحية لهم وقبلات لجباههم الحانية حماة الأوطان، هنا وهناك. علّ العبرة في انعقاد لواء العيد أو الذكرى بآخر اثنين، تكمن في التذكير بأن آخر اثنين حولك في الملمات والشدائد هما والداك، والصادقون الأقربون من الأهل والمعارف. أمّا يوم الوغى أو الكوارث،فتجدهما بزي عسكري رجالا من القوات المسلحة، رجالا وأخوات رجال من الأمن والدفاع المدني. قد لا تلمح ثالثهما الموجود في الصورة دائما ذلك الذي ارتضى ألا يرتدي زيه العسكري إلا في ترفيع أو تكريم أو تقاعد أو أثناء عزف لحن الرجوع الأخير.. ارحمهم يا الله وجازهم عنا خير الجزاء، أولئك الذين ما تركونا إلا وقد تركوا لنا أوطانا يعتدّ بها، تستحق أن نحيى ونموت من أجلها. كل عام ونحن والجميع بخير. ــ الدستور



















