بشار جرار : ماذا عن اليوم السابق؟

حتى ساعة إعداد هذا السطور مازالت صفقة ما وصف «الفرصة الأخيرة» معلّقة بالخلاف على «اليوم التالي». كعادتنا في ظل سطوة وسائل الإعلام القديم والجديد، سرعان ما تلقّفنا المصطلح ودخلنا معمعة السجال الذي صار في كثير من الأحيان مجرد سفسطة بيزنطية وزوبعة في فنجان صيني تقليدي!
ماذا عن اليوم السابق؟ منذ حرب الخامس من حزيران سنة 1967 التي تدخل اليوم عاما آخر في أرشيف الذكريات الطويل، منذ ذلك اليوم والكل -يعني الكل- بمن فيهم محور «المقاومة والممانعة» يدعون إلى العودة إلى حدود الرابع من يونيو، تماما كعملية «طوفان الأقصى» وحرب السابع من أكتوبر التي بدأتها إسرائيل بعملية «السيوف الحديدية» والكل -»كلن يعني كلن» كما في هتاف ذاع صيته في لبنان الحبيب (سويسرا الشرق سابقا) - يدعون إلى العودة إلى حدود السادس من أكتوبر. وكأن الحال قد صار سورياليا إلى حد القول «يا دار ما دخلك شر» و»عفا الله عما سلف».
وحدها إسرائيل وهذا أمر مؤسف إقليميا وعربيا، التي تعلن عن فتح تحقيقات تنشر نتائجها علانية لمحاسبة من تسببوا بأي خسارة أو جريمة أو فضيحة سواء من العسكريين أو السياسيين كما كان الحال مع كبار المسؤولين لا كباش محرقة فقط.
هنا في بلاد العم سام وفي سائر الغرب من الواجب لا الحق فقط، مساءلة متخذي القرار -أي قرار- عن النوايا والنتائج والمنهجية حتى نتعلم من الأخطاء بعد محاسبة المقصرين أو المهملين. رحم الله الشهيد وصفي التل الذي كان من أول من وضع الإهمال والتقصير في منزلته الصحيحة، الذي يقترب من الجريمة بل والخيانة. ليس العرب عموما، وبخاصة «دول الطوق» ومن باب أولى الفلسطينيون في حال يسمح بالاجتهاد الخاطئ، فذلك لن ينال ولا حتى الأجر الواحد لأن فيه مقتلة وخرابا ودمارا وفتنا وفوضى. هذا ليس مسألة فقهية أو سياسية ثانوية أو عابرة، هذا مصير شعوب وأمم وإقليم بأسره، وقد كاد الكل أن ينزلق في مهاوي حرب إقليمية تقدح شرار حرب عالمية ثالثة.
صحيح «ليس بين الخيّرين حساب»، لكن الحال يشير إلى أن بينهم أشرارا أو أغرارا، وفي الحالتين النتيجة أكبر من نكبة ونكسة مجتمعتين.. مازلت متمسكا برأيي، كفى عبثية وعدمية ولا أحد يملك حق «الدق على صدر غيره» ولا حتى من يزعمون أو يتوهمون تمثيلهم لثكالى وأرامل وأيتام غزة الحبيبة المكلومة. ــ الدستور



















