+
أأ
-

د محمد العزةيكتب :شادي ابو راشد الديمقراطي الاجتماعي الذي أراد فكان .

{title}
بلكي الإخباري

الرابع من نيسان من هذا العام وتحديدا في ساعات الغروب من ذلك اليوم الربيعي ، شاءت الأقدار الإلهية أن تغرب الشمس مصطحبة معها الرفيق شادي ابو راشد في رحلته الأبدية ، حيث الأفق البعيد و المساحات الشاسعة والسقف المفتوح للحركة والحرية ، نعم اصطحبته جسدا منهكا متعبا نحيلا محملا بالافكار والأسئلة السائلة والمسؤولة ، الوارد أن يكون لها أجوبة أو أن تبقى معلقة في خانة الانتظار مجهولة ، لكنها لم تستطع في ذلك الغروب الاخير أن تنتزع روحه من بيننا ، من فكرنا ، من ذاكرتنا ، من احاديثنا ،من جدلنا البيزنطي ، المنطقي ، واللامنطقي ، المكتوب في محضر الندوات أو ما تداولناه همسا سرا وصار بين الضلوع مطوي . لم تستطع إخفاء بصماته فوق اوراقنا ، ولا هتافاته فوق أكتافنا ، ولا جنونه عند صوابنا ، ولا جرأته عند خوفنا و ترددنا فيقوم بقيادتنا احيانا الى الهاوية ، نعم لكننا كنا على ثقة ويقين بأنه سيعود و يصعد بنا إلى القمة .تلك الشمس التي أرادت أن يغيب شادي ابو راشد عن ساحاتها و ميادينها و مظلاتها التي ضجت من عناده و مثابرته في أسئلته التي تملكت فكره و عقله و بحثه عن الحقيقة في كبد تلك الشمس ، هو أراد لها الاشراق بعكس ما لم ترد له ، فأطل عليها من على مسرحها ، مسرح الشمس ، في حفل تأبينه ، وكأنه يقول لها ، أن الشمس لا تغيب وتترك أبناءها ، في جوف الظلام ومتاهات الجهل و سراديب الخرافة ، و سطوة الفقر و القهر ، و مجالس الكهنة و الرهبان ، و لا شيوخ السلطان ، سلطان الدين أو المال .شادي ابو راشد شكل الحالة المثالية للصورة العامة للممارسة الحزبية ، و حالة خاصة داخل قوى تيار الديمقراطية الاجتماعية الأردنية ، التي خاضها بفطرته الإنسانية و عفويته السياسية ، بعيدا عن كواليس صالوناتها السرية ، أو حسابات قياداتها الشخصية ، فكان ذلك الثائر الذي رفع شعار " متى بدنا نحكي سياسية"، ما المانع ، يسأل شادي ؟ يجيب ظروف موضوعية ، تكتيكية ، توافقات ديمقراطية ديكتاتورية .ما هو مصير القضية الفلسطينية ؟دولتين أحدها فلسطينية مستقلة ، كونفدرالية ، دولة واحدة ديمقراطية .ما هي الهوية الوطنية ؟جامعة ، فردية ، أم واحدة وطنية اردنية .هل نريد أحزاب حقيقة سياسية برامجية ام ثماثيل واصنام كرتونية ؟الأحزاب دون نهج فكري وبرامج سياسية أو عدم قدرة على المشاركة الانتخابية ، فلتتحول إلى جمعيات إنسانية أو خيرية ، لا منصات للدفاع عن حقوق المواطنين و طرح الحلول والتخلص من تراكمات الملفات عبر السنوات والسنين .كان يسأل وينتظر الإجابة وكان احيانا إذا لم يجدها ، كان ينظر إلى تلك الشمس و يجيب.شادي ابو راشد اشتبك مع جميع القوى السياسية القابعة على المسطرة الحزبية من أقصى اليسار الأيديولوجي المتجمد مرورا بالوسط المستوى في الوسط الاستوائي حتى أقصى اليمن الحار الديني ، وصل إلى قناعة مطلقة أنه لا يمكن أن يكون إلا ديمقراطيا اجتماعيا ، حيث استطاع ممارسة حق التعبير بحرية ملتزمة أدبية بعيدا عن أرهاصات الهواة وانحرافات الفتاوي واغتيال الشخصية ، استطاع التفكير و الابداع و الاشتراك و المشاركة بالقرار والإختيار والنقد للرفاق في مواقع المسؤولية ، والمنافسة على المواقع القيادية ، التي شهدناها في أغلب الأحزاب جاءت جاهزة لذوات ضمن صفقات غيبية وكأنه أمرا كان مقضيا .ارهقنا شادي ابو راشد وأرهق الحزب الديمقراطى الاجتماعى الاردني ، وأرهق نفسه ، لانه يريد الاردن دولة مدنية ديمقراطية حداثية ، تطبق فيها المساواة وسيادة القانون و العدالة الاجتماعية ، لأنه يريد الاردن العظيم يحظى بتعليم على أرقى المستويات ، و صحة مقدمة بأجود الخدمات ، وبنية تحتية بأعلى المواصفات .كل ما كان يريده شادي ابو راشد ، وجده برنامجا ونهجا مكتوبا و مطروحا لدى الديمقراطي الاجتماعي ، لكن لا يمكن تحقيقه دون ادوات السلطة والرقابة والتنفيذ ، فكانت الساعات الأخيرة ، فيها اخر الامنيات ، وكان على ثقة بأنها ستتحقق سواء كان في الحياة أو الممات ، ايمانا منه بأن هذا النهج السياسي سيكون المشروع الوطني للتغير والتحديث السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي أشار له الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه ليكون مستقبل الاردن السياسي والدستوري .شادي ابو راشد رفيق الشمس أراد أن يكون ديمقراطيا اجتماعيا فكان ، فغادرنا جسدا ، لتبقى روحه حافزا لرفاقه و دافعا لامثاله بأن يناضلوا و يجتهدوا للحفاظ على الاردن المدني الديمقراطي ، الاردن القوي بقيادته و عسكره و عماله و عشائره و شبابه وشيوخه و أطفاله. وسيكون الاردن الاقوى ، كما أردا ابو راشد وكما يريد أبناء هذا الشعب العظيم ، فيكون الوطن الذي عن اسمه الشمس لا تغيب ، هل نستطيع ؟معا نستطيع