+
أأ
-

د محمد العزه يكتب :جميل النمري والحلم الديمقراطي الاجتماعي الاردني

{title}
بلكي الإخباري

الحديث في هذا المقال لن يحمل في طياته أو يهدف لأي من أنواع المدح لصاحب العنوان أو لرد جميل بجميل ، بل هو من باب الأمانة السياسية التي تستوجب الإضاءة على مسيرة من العمل والاجتهاد و التعب والإجهاد بذلت في سبيل بناء نموذج سياسي حزبي يقوم على الفكر الديمقراطي الاجتماعي، التقدمي، المدني ليكون ترجمة واقعية لأحلام و رؤى تختمر في بال اجيال من الاردنيين. وهذا النوع من النشاط السياسي الوطني على مدار مراحله الزمنية و حقبه التاريخية ارتبط بأسماء رجالات في السياسة الأردنية يتداولها ويعترف بها الجميع وقد أصبحوا رموزا لمراحل وتجارب ومشاريع وتيارات اي كان لونها في المشهد الوطني. فما أن يذكر يعقوب زيادين حتى يتبادر إلى الذهن الحزب الشيوعي وتاريخه الحافل ، أو سليمان النابلسي والحزب الوطني الاشتراكي الاردني وحكومته ودوره منتصف الخمسينات ولا يذكر حسين الطراونة الا ومعه مؤتمر الميثاق الوطني وحزب الشعب الاردني آنذاك. أما الحقبة الاخيرة مع التحول الديمقراطي مطلع التسعينات، فلا احد ينكر أسماء سياسية وازنة ارتبطت بمحاولات وتجارب سياسية حزبية مثل المرحوم الباشا عبدالهادي المجالي والحزب الوطني الدستوري ثم التيار الوطني، وامجد المجالي وتجربة حزب الجبهة الأردنية الموحدة، وعبدالرؤوف الروابدة وتجربة حزب اليقظة، والتجمع القومي الديمقراطي والمرحوم حسين مجلي الرواشدة ابو شجاع نقيب المحامين الأسبق . في الحقبة الحالية او ما يطلق عليها مشروع التحديث السياسي أشير الى الرفيق جميل النمري وهو كان جزءا من مراحل سابقة شاهدا وناشطا في مساحاتها وميادينها ومنابرها ناله منها ما نال كل اطرافها من صعود وهبوط، تقدم وتعثر، تجمع وتشتت انما المحصلة النهائية لتلك المرحلة ضعف وركود. فعلى مساحة الوسط ويمين الوسط فشل في تجاوز المشاريع الشخصية الصغيرة. وجمود وتكلس في اليسار. هنا ميزة رفيقنا النمري بالديناميكية السياسية والفكرية والبحث الدائم عن بديل. فهو عايش تلك المعاناة ولم يستسلم لواقع الحال وظل يستخلص الدروس ويستشرف المستقبل وينحت رؤية ويفتح آفاق تأخذ نفس المبادئ الاساسية الدائمة مثل مبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والانحياز للفئات الشعبية الى مساحات جديدة وحديثة في مناخات اصلاحية تقبل الحوار والاشتباك مع الواقع والانخراط المباشر في العمل. العمل الجماعي والتنظيم والانتخابات الداخلية واللجان واللقاءات والأنشطة الميدانية والتركيز على الشباب وتبني المبادرات المتواصلة. كل ذلك مع رفض التفرد ومكافحة الشخصنة وممارسة الديمقراطية في اتخاذ القرار وصناعة ادوات التغيير وتأهيل القيادات تجنبا للسقوط في فخ الزعامة الفردية والمركزية وما يطلق عليه حزب الشخص الواحد. في تلك المساحة شبه الخالية بين الوسط واليسار العقائدي القديم كان دور النمري في بناء المشروع الديمقراطي الاجتماعي. كمشروع وطني للتغيير الذي آمن به جميل النمري المواطن والمرشح والناخب والنائب والكاتب والحزبي والسياسي والبرلماني، ليطلق هو و نخبة من رواد الفكر الديمقراطي الاجتماعي مشروع الحزب الديمقراطي الاجتماعي. وكان النمري المنظر الابرز لهذا الفكر وهذا المشروع الذي يؤمن بالعدالة والمساواة والحرية والتضامن ، كأحتياجات للمواطن والوطن وليس مصطلحات داخل اوراق الخطابات و حبر على اليافطات وهتافات في الفعاليات، حزب يؤمن بالنهج الذي يتدفق من ينابيع الديمقراطية الاجتماعية وفلسفتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أثبتت نجاحها كنهج بديل للنهجين الليبرالي والمحافظ في مختلف الدول ولتحط رحالها في الاردن العظيم ، تغرز اوتادها وتزرع بذورها وتشكل هويتها الحزبية السياسية الأردنية بألوان العلم الاردني وباللون البرتقالي الخاص بالاحزاب الإصلاحية الديمقراطية الاجتماعية مخلصين لهذا الوطن قيادة وشعبا واضعين المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار.في ذات السياق لاحظنا توسع شعبية هذا الفكر وانحياز المزيد من النشطاء له ونشوء مجموعات واحزاب ضمن نفس المساحة او قربها مثل الحزب المدني الديمقراطي الذي يدار بثلاثية عدنان السواعير و قيس زيادين و عامر البشير وهم شركاء على الأرجح في مشروع قا ئمة انتخابية موحد للتيار الديمقراطي تتبنى سيادة القانون و حرية التعبير ومدنية الدولة، والتنمية المستدامة و النهضة وكرامة العيش في حاضنة الرفاه الاجتماعي , كرامة العمل والحصول عليه وتأهيل كوادره، كرامة العلاج وحماية الصحة، وكل هذه الكرامات هي كرامة واحدة كرامة الوطن المواطن وقيادته الهاشمية .اختتم هذا المقال الطويل الذي ظننت أنه سيكون قصيرا اذ اردت ان أخص به شخصا هو تعبير عن حالة الأبوة الروحية لفكرة تأخذ مساحتها وتبرز في هذه المرحلة الجديدة ويقودها فريق واسع من رفاق النمري لولا محدودية مساحة المقال لذكرتهم ونوهت بإدوارهم وابرزت الميزة الخاصة لكل واحد منهم وحالة التكامل الناشئة بينهم حتى حين تظهر خلافات وتباينات فقد تم بناء مؤسسية سياسية وتقاليد خلال بضع سنوات تضيق بوصفها مساحة الشاشات وإن اتسعت لها ولهم مساحة الذكريات وطيب الامنيات ، فهم مستقبل المشروع الوطني الاردني للتغير ، التغير الإيجابي الذي يرتقي بالمجتمع والادارة ويوطد الثقة ما بين الجماهير وحكوماتها ، الثقة والازدهار كعنوان للمرحلة القادمة التي حلم و يحلم بها النمري وكل اردني، فهل نستطيع ؟نعم نستطيع