+
أأ
-

نضال فيصل البطاينة : سردية الدولة وقدرتها على صون الجبهة الداخلية

{title}
بلكي الإخباري

منذ قيام الثورة العربية الكبرى وقيام الدولة الأردنية، حافظ الأردن على مكانته السياسية كمرجع عربي ومركز استراتيجي مهم في تنسيق التفاعلات بين الدول العربية والإقليمية، وحافظ النظام الهاشمي على إرثه التاريخي كضامن للعدالة والتسامح سواء كان ذلك في السياسة الداخلية أو انعكاساتها على السياسة الخارجية.هذه الثورة التي قادها الهاشميون، كانت الثورة الوحيدة عبر التاريخ والتي تكون ثورة ملوك لتحرير شعوبهم وليست ثورة شعوب على حكامها، إذ نحتاج اليوم لأن نستدعي ذلك التاريخ ونعلّمه لأبنائنا، لنُنشئ جيلاً قادراً على حمل رسالة دولته وسرديتها، هذه الدولة التي لم تأتِ من فراغ، وجاءت بجهود وسواعد الاردنيين وقيادتهم.اليوم نحتاج لأن نعيد أبناءنا للانتماء الحقيقي والمواطنة الحقة والحرص عليها لترسيخ الهوية الوطنية، نحتاج لإعادة تعريف الانتماء، بعيداً عن المكتسبات والتنفيعات، فالأردن تاريخياً كان مع اخوانه العرب عوناً وسنداً، وسنبقى كذلك بالتأكيد، ولكن نحتاج لأن نعطي وطننا حقه، بالأفعال والأقوال، وألا نسمح لكل الموتورين الذين يحتفلون بمناسبات أنظمة وأشباه أنظمة في الإقليم بأن يكسروا صورة ورمزية الدولة، فالأردني يحق له الفخر بدولته التي كانت وما زالت كالصخرة التي تكسّرت عليها كل المشاريع الإقليمية، علينا إعادة الأردني لوطن?، أن نعيده لعهدٍ كنّا فيه نتغنى برأس المال البشري، لا أعتقد أن «جوقة الإحباط» قد يعجبها هذا الكلام، وتتذرع بالوضع الاقتصادي وضيق مستوى المعيشة سبباً لذلك، ولكنني أقول لهم «اذا ما شبعنا خبز، يكفي أننا نشبع كرامة». والخبز جاي بعون الله طالما دولتنا قوية وجبهتنا رصينة. علينا أن نرى هشاشة أنظمة دول مجاورة، وكيف سقطت عواصم عربية وأصبحت عاجزة ولا تقوى على توفير مسببات الأمن والحماية لشعوبها، ومن هذا المنطلق تتوالى الدعوات لأن تكون جبهتنا الداخلية موحّدة، حتى نكون قادرين على الدفاع عن وطننا وأمنه وقيادته، وأيضاً ?إن مشروع الوحدة العربية الذي كنا نتغنى به بعد آبائنا وأجدادنا أصبح سيناريو صعب الحدوث، وذلك لعدة أسباب أبرزها غياب مصطلح العدو المشترك بين كافة الدول العربية، وبالتالي وجب علينا كأردنيين أن نعمل لمصلحتنا الوطنية العليا، وأن نكون دولة ذات طموح وقدرة على تجاوز الأزمات بهمة الشعب وقيادته الحكيمة.أعتقد بأن هناك لؤماً في التعاطي مع الحالة الوطنية، وكأن من يقف مع دولته أصبحت تهمة يطلقها بعض شذّاذ الأفق، والمأسورين بالتابوهات الإقليمية، وتصوير الأردني بأنه «رجعي» عند حديثه عن هويته الوطنية واعتزازه ببلده ووطنه، هذا اللؤم يجب إيقافه ومجابهته والرد عليه، وذلك من خلال تعزيز سردية الدولة ورسالتها، سواء أكان ذلك من «النخب السياسية» أو من المواطنين أنفسهم، فكلنا في مركب واحد ونسير به نحو السموّ والرفعة في ظل قيادتنا المحترمة، نعم المحترمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.اليوم نحن كلنا كشعب أردني، علينا واجبات كبيرة تجاه وطننا، وأن نساهم في استكمال مسيرة البناء في مئوية الدولة الثانية، وألا نجعل للإحباط والمحبطين مكاناً، وهناك الكثير من المتربصين بنا، ينتظرون منّا أن نبقى صامتين أمام تشويه صورة بلدنا وتصويرها لنا كأداة خارج الجغرافيا والتاريخ، فالأردن ولد من رحم المعاناة ومررنا بالصعوبات الجمّة، ولكننا حولناها لفرص وبنينا عليها وأخرجنا الدولة إلى بر الأمان.هذا الوطن بريء من كل التهم وبريء من كل الإرهاصات التي يزجونها بصورة الوطن، قد أتفهم سوء الوضع الاقتصادي، ولكن لسنا وحدنا من يعاني من تبعات سوء الحالة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على العالم أجمع، يكفينا فقط أن نملك نعمة الأمن ونحن نشاهد مجازر حقيقية تمارسها الأنظمة الإقليمية بحقّ شعوبها، ويكفينا فخراً أننا لا دم بيننا وبين النظام، وأن العقد الاجتماعي مبني على العدالة والتراحم فيما بيننا، وكل ما نحن فيه اليوم لم يأتِ من فراغ، ولكن بقينا على عهدنا ووعدنا بأن يبقى الأردن حراً عزيزاً قوياً.وكما قلت سابقاً «إن لم نشبع خبزاً، يكفينا أننا نشبع كرامة»، وأنوّه هنا إلى أن من يشيد منكم بأي من الثوابت الوطنية فاسمه وطني وليس «سحيج»، فقد بالغ البعض باستخدام هذا المصطلح الدخيل والمخطط له حتى أصبح البعض المهزوز يخجل من استذكار معركة الكرامة لكي لا تطلق عليه هذه الصفة وهذه هي الحماقة المخطط لها لهز هويتنا الوطنية واعتزازنا بموروثنا.حمى الله الأردن شعبا وأرضا وقيادة، وسياجنا قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية