د. عادل الحواتمة : الحكومة الخضراء

أصبح استخدام اللون الأخضر مؤخرًا بشكل مجازي في الادبيات الاقتصادية والسياسيّة تعبيرًا عن فكرة التنمية المُستدامة، والبيئة، وكل ما يتصل بالزراعة وترشيد استخدام الموارد. فبتنا نسمع عن الاجندة الخضراء، والأحزاب الخضراء، والوظائف الخضراء..الخ. لقد لعب التقدم الصناعّي بشكل أساسي، وما رافقه من ارتفاع نسب التلوث في رفع درجة الوعي البيئي، واهتمام أكبر بالسياسات الاجتماعية وتعزيز الديمقراطية والبقاء، وبالتالي ظهور الاحزاب الخضراء مثل: الخضر الفرنسي، والألماني، والنرويجي، والبريطاني، والكندي والسويسري، وغيرهم، كما ب?أت تظهر احزاب الخضر في العالم العربي، مثل: الخضر العراقي، والمصري والفلسطيني، وغيرهم.ولقد قادت هذه الأحزاب الرأي العام العالمي بقوة للانحياز نحو السياسات الصديقة للبيئة من ناحية التخطيط المستقبلي للحكومات والمجتمعات، كما أكدت أيضًا على ضرورة دعم الاتفاقيات المتعلقة بالمناخ والاحتباس الحرارّي، والتقليل من الانبعاثات الكربونية، ولا يمكن النظر لهذه المبادئ السياسية الخضراء باعتبارها نافلة، أو سياسة رفاهية مقارنةً ببرامج الأحزاب السياسيّة التقليدية. فقد يلعبُ التغيّر المناخي دورًا بارزًا في إعادة تشكيل الخرائط الجيوسياسية لبعض الدول؛ وذلك لارتباطه بمفاهيم عديدة أبرزها الأمنان الغذائي والمائي؛ ?تيجة التنافس على المصادر الطبيعية في ظل شُحّها. وهذا بطبيعة الحال يفرض على الحكومات ضرورة اعتبار هذا الجانب بجدية؛ من حيث التوجه نحو الطاقة النظيفة، وإيلاء الاقتصاد الأخضر، والاقتصاد المعرفي التنافسي اولوية قصوى.وضع الأردن خطة التنمية المستدامة لعام 2030 بالتعاون مع إطار منظمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2018-2022، وذلك لتحقيق ثلاثة أهداف: تعزيز المؤسسات، وتمكين الناس وتعزيز الفرص. في العموم تتسق أهداف التنمية المستدامة في الخطة الأردنية مع أهداف الأمم المتحدة السبعة عشر من خلال خمسة عشر هدفًا وهي: القضاء على الفقر، والقضاء التام على الجوع، والصحة الجيدة والرفاه، والتعليم الجيد، والمساواة بين الجنسين أمام القانون، والحصول على مياه نظيفة وتعزيز النظافة الشخصّية، والعمل المناخي، والاستهلاك والإنتاج، ومدن ومجتمعا? محلية مستدامة، والحد من أوجه عدم المساواة، والصناعة والابتكار والهياكل الأساسية، والعمل اللائق ونمو الاقتصاد، والسلام والعدل والمؤسسات القوية، وعقد الشراكات لتحقيق الأهداف. لذا، حريٌّ بالحكومة الأردنية عمل مراجعة وتقييم لما تم من أعمال تنفيذية لهذه الأهداف، وهل ما تم تحقيقه إلى الآن يتناسب مع انسياب الخطة، وإن كانت الإجابة لا، فكيف يمكن تحقيق جُل هذه الأهداف خلال الخمس سنوات المُتبقية؟يحتاج الأردن اليوم أكثر مما مضى لحكومة خضراء بالمفهوم التفاؤلي والإجرائي. فالأمن الغذائي والأمن المائي باتا يشكلان عناصر جديدة لمفهوم الأمن الشامل. فوزارة الزراعة معنية بشكل كبير في تشجيع المزارعين ودعمهم؛ بشكل يتناسب مع حجم المخاطر الدولية والبيئية والتي تُؤثر على سلاسل التوريد والأمن الغذائي بالمُحصّلة. وقد يكون من أوجه الدعم أيضًا، تخصيص قناة تلفزيونية زراعية ذات محتوى تثقيفي وتدريبي وإرشادي موجّه لتزيد من توعية المزارعين.ما زلت أذكر مقولة المغفور له الملك الحسين بن طلال عندما نادى بمقولة (أردن اخضر عام 2000). بلا شك نحن بحاجة لإعادة إحياء هذا الشعار ليكون أردن أخضر عام 2050، وأن نوسع المبادرة الوطنية والتي وضعت من زراعة 10 ملايين شجرة خلال 10 سنوات هدفًا لها، فلك أن تتخيل كم من الفوائد البيئية والغذائية والسياحية التي ستترتب على زراعة 5 ملايين شجرة سنويًا لمدة خمس وعشرين عاماً من خلال عملية وطنية واسعة ينخرط بها الشباب والطلبة إلى جانب المدنيين والعسكريين


















