سمر حدادين : الأردن والاتحاد الاوروبي شراكة استثنائية في لحظة حرجة سياسياً

من المتوقع أن يشهد نهاية الشهر الحالي توقيع اتفاقية موسعة بين الأردن والاتحاد الأوروبي، في إطار اتفاقية الشراكة القائمة بين الطرفين، وذلك بحضور جلالة الملك عبدالله الثاني في العاصمة البلجيكية بروكسل. هذه الاتفاقية، التي تأتي في توقيت حساس للمنطقة، لا يمكن قراءتها من منظور اقتصادي فقط، رغم أهمية هذا البعد، حيث تحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية تؤكد مكانة الأردن دولياً ودوره المحوري على الصعيد الإقليمي.
الاتفاقية الجديدة، التي وُصفت بغير المسبوقة، تأتي تتويجًا للجهود الأردنية ورؤيته الرزينة فيما يتعلق بقضايا المنطقة، واشتباكه الإيجابي والفعال مع الكتلة الأوروبية في هذه القضايا، وهو ما لوحظ بكثافة خلال فترة الحرب على غزة.
الدور الدبلوماسي والإنساني الذي قاده الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ساهم في إعادة تموضع الموقف الأوروبي، وأبرز مكانة المملكة كشريك استراتيجي يعتمد عليه لضمان الاستقرار الإقليمي.
تشمل الاتفاقية دعم عدة محاور مثل التعليم، الصحة، التحول إلى الاقتصاد الأخضر، تمكين المرأة والشباب، إضافة إلى تعزيز الاقتصاد الأردني بما يتماشى مع أولوياته الوطنية.
تبرز هذه الاتفاقية أن الاتحاد الأوروبي يدرك أهمية استقرار الأردن كعامل أساسي لضمان استقرار المنطقة، ويضع ذلك في صلب استراتيجيته للتعاون مع المملكة.
لم تغفل الاتفاقية الجانب الإنساني؛ إذ ستعمل على دعم جهود الأردن في إرسال المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة.
منذ بداية الحرب في أكتوبر الماضي، أرسل الأردن 141 قافلة إغاثية محملة بما يزيد عن 73 ألف طن من المساعدات، بقيمة إجمالية بلغت 212 مليون دولار، واستفاد منها نحو 1.4 مليون شخص. الجهود الأردنية لضمان استمرار تدفق الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع تلقى تقديرًا أوروبيًا واسعًا، وسيتم العمل على استدامة هذا الجسر الإنساني بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي.
خلال عقد ونصف من الاضطرابات في المنطقة، كان الأردن عنصر استقرار في المنطقة، وصاحب رأي رزين وسديد، وكان ملجأ لمن فروا من أوطانهم خوفاً على حياتهم، ولذلك يحظى الأردن بتقدير دولي لدوره في استضافة اللاجئين السوريين، بما يتماشى مع القوانين الدولية والإنسانية، وهو ما يمكن ملاحظته حين لم يحبر الأردن اللاجئين السوريين على العودة إلى سوريا، بعد سقوط نظام بشار الأسد، ما يعكس احترامه للمواثيق الدولية.
وسيحصل الأردن على دعم خلال المؤتمر المزمع عقده في آذار المقبل في بروكسل لدعم تعافي سوريا، الذي ستتضمن اجندته دعم واستقرار الدول المجاورة لسوريا المستضيفة للاجئين، ما يؤشر على إدراك المجتمع الدولي الجهود التي بذلها الأردن باستضافته للاجئين السوريين.
ويتشارك الأردن والاتحاد الأوروبي الموقف فيما يتعلق بالفلسطينيين الموجودين في الصفة الغربية وقطاع غزة، وهو رفض أي شكل من أشكال التهجير القسري للفلسطينيين، ويؤكدان أن الحل الوحيد للصراع العربي الإسرائيلي هو حل الدولتين، بما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
هذا التشارك في الموقف مهم في الفترة القادمة، في ظل الظرف الدولي المستجد، وفي ظل كل ما يقال عن إمكانية حل القضية الفلسطينية وفق شروط مجحفة لا تعطي للفلسطينيين حقهم بدولتهم.
وفي ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة، يشكل الدعم الأوروبي فرصة للأردن لتعزيز استقراره وتنمية اقتصاده، مع ترتيب أولوياته لمواجهة التحديات، لا سيما في ملف اللاجئين.
الاتفاقية المرتقبة ليست مجرد وثيقة اقتصادية، بل هي شهادة على أهمية الدور الأردني، واعتراف بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ومواقفه الحكيمة تجاه قضايا المنطقة



















