فارس الحباشة : وعود ترامب والفشل الحتمي

«ميلشيا الهاغانا «، كانوا يغنون بعد نكبة 1948، احنا شباب الهاغانا، وصيفنا بفلسطين وشرق الاردن مشتانا «. وقال شارون في معركة الكرامة : سوف نفطر صباحا في تل أبيب، وستناول ظهرا الشاي فوق جبال جلعاد والبلقاء.وانها ليست مجرد اغان حماسية اسرائيلية، واصوات لمتطرفين يمينيين، انها الرؤية التوراتية وافكار جابوتنسكي صاحب الحلم الصهيوني في اقامة دولة يهودية على ضفتي نهر الاردن. نتنياهو يقول : ان تحقيق حلم «جابوتنسكي» أصبح اليوم أكثر واقعية من أي وقت مضى .ملك ملوك اسرائيل، نتنياهو يكرر استعادة شهوة التوسع نحو الاردن، وهي شهوة تتحول الى عقيدة استراتيجية، وبصورة شيطانية الى سياسة رسمية واعلامية، وتتجسد في تحركات سياسية وعسكرية.وفي لقاء المكتب البيضاوي، بدا ترامب خائفا على اسرائيل، وقدم هدايا لاورشليم لا ينافسه عليها احد من رؤساء امريكا السابقين ولا اللاحقين. ووصف نتنياهو بانه قائد عظيم.اسرائيل دولة تعاني من انفلات غرائزي، وغير ملجومة، و افراط عقائدي في العنف والعدوان. ونسبيا، اسرائيل لا تضير في مصالحها الاستراتيجية والتوراتية التوسعية، وبرعاية وتوجيه من الرئيس ترامب لانقاذ اسرائيل، وتحقيق استراتيجية التهجير مقابل الاستقرار الترامبي. وتمكين اسرائيل للادراج والمشاركة في نظام شرق اوسطي خاضع سلميا الى القوة الاسرائيلية المطلقة عسكريا واقتصاديا.و من الملحوظ أن اسرائيل فرغت من تهشيم وتكسير محور المقاومة، وضيقت من تداخل ساحات المقاومة، واعادة فك وتركيب الخريطة السورية، وانزاحت نحو الجغرافية السورية، ودخلت دبابات اسرائيل الى تخوم دمشق ودرعا. ومن بعد الاعلان عن وقف اطلاق النار على جبهتي لبنان وغزة، فان العدوان الاسرائيلي توسع وانفلت لجامه في الضفة الغربية.ويمكن القول إن مسار التصعيد الاسرائيلي اقليميا متفاعل وقائم. وتابعنا تصريحات نتنياهو العدائية الملموسة تجاه الاردن والمملكة العربية السعودية، حيث طالب نتنياهو باقامة دولة فلسطينية على الاراضي السعودية. تصريحات نتنياهو حول السعودية فتحت باب التوجس من السياسة الاسرائيلية والامريكية الجديدة في الاقليم، وماذا بعد عودة ترامب الى البيت الابيض رئيسا لولاية ثانية.ترامب لا يريد حروبا. ولا يريد تكرار تجارب : العراق وفيتنام، وافغانستان. الحرب تستنزف خزائن امريكا، وتستهلك صور عظمة امريكا. في لقاء ترامب ونتنياهو، لا أثر لدولة فلسطينية ولا أثر للشعب الفلسطيني، وتهجير وتشتيت لفلسطيني غزة في اصقاع الكرة الارضية، ولا وجود لغزة واهل غزة.تصريحات ومواقف ترامب لا يمكن أن تفضي الا لتفجير حتمي في الشرق الاوسط. الخارجية السعودية اصدرت بيانا واضحا وقاطعا ومحكما. وشدد على موقف المملكة الراسخ والثابت وغير المزعزع، وانه لا مجال للتفاوض او المزايدات.وقال البيان إن ولي العهد السعودي «أكد هذا الموقف بشكل واضح وصريح، ولا يحمل التأويل في حال من الأحوال، خلال الخطاب الذي القاه لدى افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى، حيث شدد على أن المملكة لن تتوقف عن عملها الدؤوب في سبيل قيام الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، وان المملكة لا تقيم علاقات دبلوماسية مع «اسرائيل» دون ذلك». البيان السعودي أثار ردودا داخل ادارة ترامب. ويبدو أن الموقف السعودي حازم وفاصل، ولن تكون المملكة عرضة لاي ضغوطات من اجل تطبيع مجاني مع اسرائيل، ومن اجل خفض اسعار النفط.ترامب لا يفهم الشرق الاوسط وتاريخه وتفاعلاته الايدولوجية. وفي اوروبا ثمة قلق كبير من عودة ترامب.ترامب أمام مأزق شرق أوسطي.. لا شيء يمكن أن يرغم الاردن على استقبال مهجرين من فلسطين المحتلة، ولا شيء يجبر الفلسطينيين على الرحيل عن ارضهم، ولا شيء يرغم السعودية على التطبيع مع اسرائيل دون حل نهائي واقامة دولة فلسطينية وحل الدولتين. العالم يعترض ويحتج.. فهل سيكون ترامب امام فشل حتمي؟