+
أأ
-

د. اسمهان الطاهر : سيناريوهات متوقعة لأزمة رفع الرسوم الجمركية


{title}
بلكي الإخباري

من بين الأسئلة المطروحة بعد قرار الرئيس ترامب برفع الرسوم الجمركية على عدد من الدول: هل يمكن أن تتراجع أمريكا عن قرارها ؟
والإجابة هي: نعم، من الممكن أن تتراجع الولايات المتحدة عن فرض أو رفع الرسوم الجمركية، خصوصًا أن الحرب التجارية قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد الأمريكي نفسه.





كما أن ردود الفعل الدولية القوية قد تدفع واشنطن إلى إعادة النظر في سياستها.
لقد واجهت الولايات المتحدة انتقادات قوية من حلفائها وشركائها التجاريين، ومن الطبيعي أن تعيد النظر في هذه الإجراءات لتجنّب تدهور العلاقات.





وقد نشرت شبكة CNN اليوم خبرًا عن إعلان الرئيس دونالد ترامب تعليقًا لمدة 90 يومًا لجميع الرسوم الجمركية "التبادلية"، باستثناء تلك المفروضة على الصين، والتي سترتفع فيها الرسوم الجمركية إلى 125% على الأقل.





وعلى إثر هذا الخبر، ارتفعت سوق الأسهم الأمريكية، حيث سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أفضل أداء يومي له منذ أكتوبر 2008. كما شهدت الأسواق الآسيوية ارتفاعًا في وقت مبكر من صباح اليوم الخميس.





وبطبيعة الحال، يمتلك كل من الاتحاد الأوروبي والصين أدوات ضغط اقتصادية واضحة ومجرَّبة. ويُعدّ الاتحاد الأوروبي والصين من الأطراف الأكثر قدرة على المواجهة ، لما يملكانه من أسواق استهلاكية ضخمة تُعدّ حيوية للشركات الأمريكية، مما يمنحهما قوة تفاوضية بارزة.





لقد بات من الواضح أن معظم الدول سترد برسوم مضادة قد تُلحق الضرر بالصادرات الأمريكية، وهو ما قد يدفع صُنّاع القرار الأمريكيين إلى إعادة التفكير في قرارات رفع الرسوم.





هناك وجهة نظر أخرى، تعتقد أن التراجع الكامل صعبًا على جميع الأطراف، فالعلاقات التجارية اليوم تتسم بالتنافسية، أكثر من كونها علاقات تجارية بحتة.





في ظل التطورات الجيوسياسية والضغوط الاقتصادية، يمكن تصوّر عدة سيناريوهات لما قد يحدث مستقبلا، في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها، اولها؛ أن تتجه الولايات المتحدة إلى تخفيف الرسوم الجمركية تدريجيًا ضمن اتفاقات ثنائية أو متعددة الأطراف. ويعكس هذا السيناريو عودة إلى نوع من الواقعية التجارية، خاصة إذا أظهرت المؤشرات الاقتصادية تباطؤًا.





أما السيناريو الثاني، المتوقع ، فهو التصعيد المتبادل؛ فإذا استمرت الولايات المتحدة في استخدام الرسوم كأداة ضغط سياسي، فقد تواجه ردودًا أكثر حدة من الاتحاد الأوروبي أو الصين أو حتى من تحالفات إقليمية، مما يؤدي إلى تصاعد حرب تجارية طويلة الأمد تُعقّد بيئة الاستثمار العالمي وتُربك سلاسل التوريد.





أما السيناريو الأكثر ترجيحًا، فهو التوازن الاستراتيجي، وهو الأكثر احتمالًا على المدى المتوسط، حيث تسعى الأطراف الكبرى – بما فيها أمريكا – إلى موازنة المصالح السياسية والاقتصادية عبر فرض رسوم جزئية قابلة للتفاوض تُستخدم كأوراق ضغط مؤقتة، لفتح قنوات دبلوماسية واقتصادية متوازنة .





بالنسبة للشرق الأوسط، فإن التوقيت والسياق السياسي يلعبان دورًا كبيرًا. فالتوتر في منطقة الشرق الأوسط، وتوجّهات واشنطن بخصوص ملفات مثل الملف الإيراني أو الاستقرار في البحر الأحمر، قد يجعلها أكثر استعدادًا لتقديم تنازلات تجارية في المستقبل القريب.





لقد بات من الواضح أن الولايات المتحدة تُستخدم الرسوم الجمركية كوسيلة ضغط لتحقيق أهداف تتجاوز حماية الصناعة.





فالولايات المتحدة تلجأ إلى استخدام أسلوب "اختيار الهدف"، ثم رفع الرسوم للتأثير على السياسات الدولية والتحالفات التجارية.





ولا تزال الدول المتأثرة بقرارات ترامب تواصل حثّ الولايات المتحدة على مراجعة إجراءاتها المتعلقة بالرسوم الجمركية، التي ستصبح متبادلة.
ويرى العديد أن فترة تأخيرها لمدة 90 يومًا تُعد "خطوة في الاتجاه الصحيح"، لكنها لا تزال غير كافية في ظل القلق من تأثير الرسوم الجمركية في حال تطبيقها على الاقتصاد العالمي في المدى الطويل.
Asmahan_altaher@outlook.com