د. عبدالحي الحباشنة :- الاردن ..اتزان القوة وجدارة الاقتدار

حدث كبير عايشه الاردن خلال الاسبوع الماضي والذي تمثل بالاعلان عن افشال مخطط ارهابي يستهدف الاردن ومؤسساته وامنه واستقراره وما تجلى بعده من انخراط المجتمع الاردني ومؤسساته في وحدة عضوية ضد ما يستهدف وطنهم واستقرارهم بالتعبير واعلان الموقف في كل ارجاء الوطن وعلى كل وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وكان جليا في هذه المواقف وحدة الصف الوطني في المجسات الصعبة وايمان الاردنيين العالي والعميق بوطنهم ونظامهم ومؤسساتهم وارضهم .
أما وقد هدأت النفوس واطمانت الى حماتها من ابناء الاجهزة الامنية المختصة وبصيرتها وسهرها على امن الوطن والذود عن استقراره ومنعته فانه لا بأس من تأكيد بعض المنطلقات والمفاهيم للعبرة وترصين وتعزيز التماسك الوطني على متانة في الموقف ووعي رصين بثوابت ما جرى وتداعياته ومتطلبات وأده واثاره .
لقد تبدى بوضوح تام ان الدولة الاردنية قوية قادرة ضمن سياق واع متزن وتتصرف بعقل دولة فاعل يأخذ بعين الاعتبار كل المعطيات الوطنية وقادرة على اجلاء لغة الحزم والقوة في الوقت المناسب وهي بهذا المعنى ليست في وارد استجلاب التعاطف او استدرار المواقف لانها بالاساس تستند الى ركائز ذات مضمون فاعل ومدرك لكل معطيات ما يجري وعلى خلفية من الوعي عالي المستوى ولذلك فان معطيات ردود الافعال لا بد لها ان تتناغم مع هذه الحقيقة حضورا وتحليلا وتعبيرا ومواقف .
تجلى موقف القيادة الوازن والهاديء في التعاطي مع الشان الوطني بصورة تعكس بصيرة قيادة جلالة الملك وقدرته الواثقة بما يمتلكه ابناء شعبه من قدرات واجهزته من امكانات مع المحافظة على اتزان مثالي وحكمة ثاقبة تجلت في ترك الامر والاعلان عنه والتعليق عليه لمؤسسات الوطن المعنية مما اعطى الاردن صورة دولة المؤسسات التي يعمل جلالته ونسعى تحت قيادته الى ترسيخ مفاهيمها واطرها العملية .
تبدى بشكل واضح جلي في هذا الحدث ما تتمتع به اجهزتنا الامنية من حرفية عالية ومتابعة حثيثة لكل ما يمس الامن الوطني بل وقدرتها على قراءة الحدث ضمن سياقاته وتاثيراته الاجتماعية والسياسية والذي كان واضحا جليا من خلال الاعلان عن هذه العملية وتفاصيلها والمشتركين فيها وما تضمنه ذلك من سرد عملياتي معزز بالاوقات والتفاصيل وبصورة واضحة مما يعمق ويعزز ايمان الاردنيين وركونهم المطمئن اليها في الدفاع عن الوطن وامنه مع سائر صنوف الجيش والاجهزة الامنية المساندة وهو الامر الذي يتطلب عدم المماحكة من البعض ودحض مبررات التشكيك التي تاتي احيانا قليلة من هنا وهناك .
أما وسائل الاعلام فقد كانت حاضرة في التغطية وان غلب على حضورها شيء من النمطية والرتابة وبعض التكرار وحبذا لو تناولت الامر ضمن سياق اعمق يعزز قوة الدولة ومتانة مكوناتها وقدرة القيادة وعمق تجذرها بدلا من التركيز على تكرار الاصوات والاراء الرتيبة والتي في معظمها كانت اقل من مستوى التعبير عن حالة التلاحم الوطني الواعي ومدخلاته وقد يبدو ذلك واضحا في كثير من اللقاءات التي اخفق المتحدثون فيها عن التعبير عن مكنونات الحدث واراء المجتمع بصورة اكثر تماسكا واقل انفعالا خاصة وقد تبدت النمطية في ادوات التحليل والمحللين الذين اتيحت لهم فرصة الظهور لتغطية الحدث اعلاميا . اما وسائل التواصل الاجتماعي فقد تضمنت تعبيرات الناس التي تباينت في الاسلوب ووحدة في الهدف والوقوف مع الوطن وقيادته في هذه الحادثة التي اعتبرها جل ابناء الشعب الاردني اساءة للوطن ونفاذا مدانا الى امنه واستقراره .
المشهد الاخر في هذه العملية مكوناتها والتي اشارت بشكل جلي الى ارتباط منفذيها او بعضهم الى جماعة الاخوان المسلمين في الاردن وهو الامر الذي اضاف صدمة مضافة ذلك اننا في الاردن دوما كنا نرى هذه الجماعة بالاطار العام مكونا من مكونات الوطن ورافدا من روافده السياسية وهو الامر الذي افضى الى كثير من ردود الافعال الشعبية تجاه هذه الحركة وذراعها السياسي واحيانا بشكل لا يعبر عن الواقع السياسي او لا يراعي رؤية الامر من زواياه القانونية والسياسية والاجتماعية الا ان مفاجاة هذه الجزئية تجعل من ضرورة تحمل الحزب والجماعة لمسؤولية الهدوء مع بقاء السؤال الجذري قائما للجماعة تحديدا وللحزب بعدها حول سؤال الوطنية والوطن بصورة لا تقبل التاويل ذلك ان الاردن بالنسبة للاردنيين وطن ابدي وليس ساحة باي معنى من المعاني خاصة وان عقل الدولة الاردنية الهاديء وبصيرة القيادة تعطي امكانية لاعادة ضبط الامور بصورة عقلانية تراعي المصلحة الوطنية العليا .وعلى الاحزاب السياسية ان تلتقط هذه اللحظة لتاصيل دورها تحالفا وتالفا واندماجا بدلا من حالة التشرذم والسطحية التي تتبدى في بعضها .
نحن احوج ما نكون الى مزيد من رص الصفوف واعمال الوعي وتحصين النفوس وايمان عميق باننا نبذل جهدنا مع قناعة اكيدة باننا في ظل قيادة تقودنا الى بر الامان في ظل اقليم تتقاذفه التباينات وعالم غير مستقر وشعب مؤمن بامكانات وطنه ومؤسساته السياسية والامنية والاجتماعية في علاقة واعية رصينة مبنية على العلم والثقة والايمان قادرون على العبور الى المستقبل بامان وروحية وثابة بالعطاء والتفاني والبناء .



















