عبدالهادي راجي المجالي. يكتب : مرثية البكم الأزرق

حين نتحدث عن تاريخ المعارضة أو الموالاة في الأردن ، لابد أن يدخل (البكم الأزرق) في الموضوع ، وقصة البكم معروفة .... وحتى سائق البكم ( والدي جي) الموجود فيه معروفة أيضا ، فقد استعمله (الإخوان ) في مسيراتهم كمسرح متنقل ومزود بسماعات ، ومنبر للخطابة ، وتستطيع نقله من مكان لاخر ومن مسيرة لأخرى .
هو متعدد الإستعمالات أيضا ، من الممكن أن يستعمله (الهتيف) ومن الممكن أن يستعمله (الخطيب ) ...ومن الممكن أن يستعمل لبث الأغاني الحماسية .
(البكم الأزرق) كان المؤسسة الوحيدة في الأردن ، التي نقلت البعض من المعارضة إلى السلطة ، وهو أيضا الوسيلة الوحيدة التي يتم الاستشهاد بها ، حين تريد انتقاد وزير ما ، أو نائب ما ...أول جملة تستعملها : ( مش هو اللي طلع عالبكم أيام دوار الداخلية) .
بودي أن أكتب مذكرات (البكم الأزرق) ، فهو الثابت الوحيد في الأردن الذي خرجت منه كل الأطياف ، وهو الشاهد على بعض الانقلابات ،وقد عاصر الحركة السياسية الأردنية منذ معاهدة السلام ، وقبلها حرب الخليج ، وفيما بعد احتلال بغداد والربيع العربي ...مسيرات دعم غزة ، وتنقل في كل الأماكن : البلد ، مسجد الكالوتي ، الصويفية ....ساحة النخيل .
الأهم من كل ذلك أن البكم حمل كل الأطياف : يسار ، إخوان ، حراك ...وقد شهد حادثة مأساوية خطيرة في أحداث الربيع العربي ، حين اندفع إليه بعض الشباب وقاموا (بشحطه) وتكسير محتوياته ، البكم هو الاخر يحمل تاريخا نضاليا .
أنا أقترح أن ننتج حوارية سياسية ، تحمل اسم (البكم الأزرق) ..حوارية يتحدث فيها كل الأشخاص الذين صعدوا عليه ،ليفصحوا عن شعورهم وعن امتنانهم ، ويسردوا ذكرياتهم معه ، ومن الممكن أن يضا أن نقيم له نصبا تذكاريا ..ليذكر بالانقلابات وبنقل البندقية من كتف لكتف .
للعلم يبدو أن أيام البكم الأزرق قد انتهت ، ومن الواجب كتابة مرثية في هذا الرمز الذي نقل أناسا كثر ، إلى مستويات ومراكز ...من المهم تخليد زمن البكم ، لأني أعتقد جازما أنه أصبح (سكراب ) ومن الماضي .



















