+
أأ
-

على هامش حديث الساعة - صمت المحبين وضجيج المدعين: قراءة في هواجس الوطن

{title}
بلكي الإخباري

كتب محرر الشأن المحلي - في خضم العاصفة الرقمية التي تجتاح حياتنا، يختار الكثيرون الصمت عن التعبير العلني تجاه الوطن.

 ليس هذا الصمت بالضرورة دليلاً على فتور في المشاعر أو غياب في الانتماء، بل قد يكون نابعاً من خشية الوقوع في براثن "الثرثرة البغيضة" التي تلوث فضاءات التواصل الاجتماعي. هؤلاء الصامتون، في غالب ظنّي، يحملون في قلوبهم حباً عميقاً للبلاد وإيماناً راسخاً بها، ربما يفوق بكثير ضجيج أولئك الذين يعتلون المنابر الافتراضية، يرفعون أصواتهم بالتسحيج المبتذل، ولا يكفون عن التذكير القسري بحبهم للوطن وولائهم له، وكأنهم يسعون جاهدين لدفع تهمة اللاوطنية عن أنفسهم.
 

لا يجوز لنا أن نستكثر الخوف على أي مخلص عاقل، خاصة أولئك المنخرطين في العمل العام، وهم يرون ما يحيط بنا من تحديات وصعاب. هذا الخوف ليس جبناً أو تهويلاً، بل هو إحساس طبيعي ينبع من مسؤولية حقيقية تجاه مستقبل هذا الوطن.
 

وحتى خصوم تيار الإخوان المسلمين، ونحن منهم في ذات  في هذه الخانة، لا يمكنهم تجاهل الشعور بالقلق والرعب من فكرة إقصاء الحركة الإسلامية بكل تفاصيلها من المشهد السياسي بهذه الطريقة، وعلى وقع هذا الخطاب المتشنج، حتى وإن بدا ذلك في لحظة ما كانتصاراً في معارك سياسية سابقة. إن إخراج أي مكون اجتماعي بهذا الحجم له تبعات عميقة تتجاوز حدود الخصومة السياسية الآنية.
 

أياً كانت النتائج التي ستؤول إليها الأمور، فالهزة قادمة لامحالة. وحتى لو كانت هذه الهزة مُحقّة وضرورية، فإنها تستدعي منا جميعاً قراءة متعمقة للأحداث وموقفاً وطنياً واعياً ومسؤولاً. 

لا تستهينوا بحجم التحدي ولا بعمق التغييرات القادمة. إن مستقبل هذا الوطن أمانة في أعناقنا جميعاً، وصمت المحبين لا يعني غيابهم عن ساحة المسؤولية، وضجيج المدعين ليس بالضرورة دليلاً على حسن النوايا أو سلامة الرؤية. المطلوب منا جميعاً هو التعقل والتبصر وتغليب مصلحة الوطن العليا فوق كل اعتبار.