مطعم منسف ع حطب ... مذاق يعود بك إلى جذور الكرم الأردني

كتب: الصحفي ليث الفراية
في عالم تغلب عليه الوجبات السريعة والتقنيات الحديثة يبقى هناك من يؤمن بأن الطعام ليس مجرد حاجة بيولوجية بل تجربة متكاملة تمسّ الروح قبل الجسد من هذا الإيمان العميق انطلقت فكرة "منسف ع حطب" المطعم الذي استطاع أن يعيد للمنسف الأردني هيبته ومكانته تحت قيادة رجل يعرف كيف يخلط بين الأصالة والطموح: فراس المعايطة.
لم يكن تأسيس مطعم "منسف ع حطب" مجرد مشروع استثماري بالنسبة لـ فراس المعايطة بل كان تحقيقًا لحلم طفولي تربى بين تفاصيله حين كان يشاهد كبار السن وهم يطبخون المنسف على نار الحطب تحت السماء المفتوحة.
حمل فراس تلك الذاكرة معه ومع مرور الوقت أدرك أن مهمة إعادة إحياء هذه التجربة يجب أن تتم بروح حقيقية بعيدًا عن التصنع والتسويق الفارغ.
بشخصيته الهادئة ورؤيته العميقة استطاع أن يبني مطعمًا لا يقدّم فقط طعامًا بل يروي قصة متكاملة عن الكرم الأردني عن النكهة المنسية عن دفء اللقاءات العائلية وعن بساطة الحياة التي نفتقدها اليوم.
الاختلاف في "منسف ع حطب" لا يكمن فقط في طريقة الطهي بل في كل تفصيل من تفاصيل التجربة تبدأ الحكاية من اللحم البلدي الذي يتم اختياره بعناية فائقة من أفضل المزارع الأردنية حيث يحرص فراس المعايطة على تقديم لحوم طازجة وذات جودة عالية تليق بمستوى الطموح الذي يحمله لمطعمه.
أما اللبن، الذي يعتبر جوهر المنسف وسر نكهته العميقة فلا يقبل فراس أن يُستخدم فيه إلا الجميد الكركي الأصيل الذي يتم تحضيره وفق الأساليب التقليدية المتوارثة عبر الأجيال وهو ما يمنح المنسف مذاقه الغني ويضمن أصالة الطبق في كل قضمة
ولا تكتمل لوحة المنسف دون خبز الشراك الطازج الذي يُخبز يوميًا في المطعم بطرق تقليدية تحافظ على طراوته ورائحته المميزة ليكون قاعدة مثالية تجمع بين اللبن واللحم وتحتضن النكهات جميعها.
إلا أن سر النكهة العميقة في "منسف ع حطب" يكمن في الطريقة الفريدة للطهي إذ تتم عملية التحضير على نار الحطب الطبيعي ما يضفي على اللحم طابعًا مدخنًا خفيفًا ويعيد للمنسف روحه الأصلية هذه التفاصيل مجتمعة من جودة المكونات إلى طريقة الطهي، تشكل فلسفة متكاملة تؤكد أن المنسف ليس مجرد وجبة بل هو طقسٌ من طقوس الحياة الأردنية الأصيلة.
يدرك فراس المعايطة أن المنسف، أكثر من مجرد طبق وطني إنه جزء من الهوية الأردنية لذلك حرص أن تكون أجواء مطعمه امتدادًا لهذه الفلسفة: ديكورات مستوحاة من البيئة البدوية والأردنية جلسات مريحة تُشعرك أنك عدت إلى بيت العائلة وأسلوب ضيافة يفيض بالترحيب الحقيقي لا المصطنع.
في "منسف ع حطب"، كل زائر يُعامل كضيف في بيت عربي أصيل، حيث الابتسامة تبدأ قبل أن يوضع الطعام على المائدة.
لا يتوقف طموح فراس المعايطة عند حدود مطعم واحد يحلم بأن يتحول "منسف ع حطب" إلى علامة تجارية أردنية عالمية تنقل النكهة الأردنية إلى العالم بأسره يرى أن المنسف يمكن أن يكون سفيرًا ثقافيًا، يحمل رسالة محبة وسلام من الأردن إلى كل شعوب الأرض.
وبينما يسعى لتحقيق هذا الطموح يصر على أن تبقى الجودة والأصالة خطًا أحمر لا يقبل التنازل عنهما، لأن النجاح الحقيقي كما يؤمن لا يُقاس بعدد الفروع بل بصدق التجربة التي يعيشها كل زائر.
"منسف ع حطب" ليس مجرد مكان تتناول فيه وجبة بل هو رحلة إلى أعماق الذاكرة يقودها بحب وشغف رجل آمن أن الحفاظ على التراث مسؤولية وأن الطعام حين يُحضّر بالحب، يصبح أكثر من طعام يصبح حكاية.
وكل من زار "منسف ع حطب" خرج وهو يحمل في قلبه جزءًا من هذه الحكاية حكاية صنعها بإصرار وشغف: فراس المعايطة.



















