+
أأ
-

فيجا ابو شربي تكتب : ثروة الأمم

{title}
بلكي الإخباري

 

 

ما الذي يصنع ثروة الأمم؟ هل هو ما تملكه من ذهب في الخزائن، أم ما تملكه من عقول منتجة وأيادٍ عاملة؟ لسنوات طويلة، اعتقدت دول كثيرة أن تراكم الذهب والموارد الطبيعية هو مفتاح الغنى، لكن الواقع أثبت أن الثروة الحقيقية لا تُقاس بما نملكه، بل بما ننتجه ونبتكره.

في محاولة لحماية اقتصادها، حاولت بعض الدول  تبنّي سياسات تدخّلية كدعم الصناعات المحلية وفرض قيود  جمركية كبيرة جدا على الواردات. هذه السياسات قد تبدو لمصلحة الدولة في ظاهرها، لكنها تؤدي غالبًا إلى نتائج كارثية. فحين تمنع الدولة المنافسة بحجة الحماية، فهي تحرم المواطن من خيارات أرخص وأجود، وتمنح الأفضلية لمصالح ضيقة.

الأسوأ أن الاقتصاد يصبح في يد من يجهلون آلية السوق غير الملمين بتفاصيله ،مما يجعل قراراتهم بعيدة عن واقع الناس. السوق، بتفاعلاته اليومية، أذكى من أي إدارة مركزية. فهو يتجاوب مع العرض والطلب، ويتطور باستمرار بفعل المبادرة الفردية.

التجربة الهندية خير مثال، حيث أدى الانغلاق في السبعينيات إلى ركود وضعف، بينما جلب الانفتاح في التسعينيات موجة نمو ونهضة اقتصادية. فحين يُفتح السوق أمام التنافس، تزدهر الأفكار، وتتحسن جودة المنتجات، وتنخفض الأسعار.

ثروة الأمة الحقيقية تكمن في الإنسان: في تعليمه، وصحته، وحرية اختياره. أما الذهب، فلا قيمة له دون عقل قادر على استثماره. الاقتصاد القوي لا يُبنى بالحماية الزائفة، بل بالثقة في طاقات الناس، وبتحفيزهم على العمل والإبداع.

الدولة الناجحة هي من تبني مؤسسات عادلة، تحمي السوق دون أن تقيّده، وتخلق بيئة تشجع على النمو والتنافس. حينها فقط، تصبح الأمة غنيّة حقًا، لا بما تملكه، بل بما تمنحه لمواطنيها من فرص وحرية وقدرة على الازدهار.