+
أأ
-

بين هامشية الهفوة ومركزية المصير: نقدٌ لاذع لـ "إعلام وهم غير اردنيين "

{title}
بلكي الإخباري


 

كتب ناشر بلكي نيوز :- لطالما كان الإعلام مرآةً تعكس وعي الأمة ونبض شارعها، وحصناً منيعاً ضد التحديات ومظلةً لمواجهة الأخطار. ولكن، وفي خضم ما نشهده اليوم، يتسرب شعورٌ بالأسى والمرارة حين نرى شريحةً من هذا الإعلام تنحرف عن بوصلتها الوطنية، وتُقايض قضايا الأمة المصيرية بهمومٍ هامشية، لتصوّر المشهد العام بصورةٍ لا تليقُ بحجم التحديات ولا بعمق الانتماء.
 

إننا نتحدث عن إعلامٍ يتقن فنَّ اقتناص الهفوات التسييرية العابرة للمسؤولين، وتضخيمها إلى قضايا رأي عام تُشغل الساحة وتستنزف الطاقات، بينما تُترك القضايا الجوهرية، التي تُشكل صميم وجودنا وهويتنا، حبيسة أدراج التجاهل والتناسي. كيف يُعقل أن يُهدر حبر الأقلام وساعات البث في تفاصيل إدارية يمكن تجاوزها أو معالجتها داخلياً، في الوقت الذي تئن فيه فلسطين، قضية الأردنيين الأولى والأخيرة، تحت وطأة الاحتلال والعدوان المستمر؟ كيف تُصرف البوصلة عن القدس وغزة، لتستقر على زلة لسانٍ أو قرارٍ إداريٍّ يمكن تصويبه؟
 

إن هذا التوجه، للأسف، يشي بفقدانٍ للبوصلة الوطنية الحقيقية. فالذين يتبنّون هذه المقاربة لا يمكن وصفهم بالأردنيين حقاً، بل هم "متأردنون". إنهم يتسترون بعباءة الانتماء، ولكن فعلهم يُعرّي انتهازيتهم ويُظهر أن ولاءهم ليس للأرض أو للثوابت الوطنية الجامعة، بل لمصالح ضيقة أو أجندات شخصية لا تخدم الوطن ولا تسهم في رفعته. إنهم لا يجدون غضاضةً في أن يتحولوا إلى "مبتزين" للمشهد العام، يُشهرون قلمهم أو ميكروفونهم لا لخدمة الحقيقة أو المصلحة العامة، بل كوسيلة ضغط للحصول على مكاسب خاصة، أو لتصفية حسابات على حساب قضايا الوطن والمواطن الكبرى.
 

إن الأردن، بتاريخه وثوابته وبطولاته، يستحق إعلاماً بحجم مسؤولياته. إعلاماً يصطف خلف قضاياه الوطنية والقومية، يُعزز الوحدة، يُعلي شأن الحقيقة، ويُحاسب على الإهمال والتقصير في القضايا الجوهرية، لا على الهفوات الهامشية. إعلاماً يُدرك أن فلسطين هي بوصلة الأمة، وأن الدفاع عنها والتذكير بها هو جوهر أي انتماء حقيقي. فليعد إعلامنا إلى جادة الصواب، ليكون صوتاً للأمة لا صدىً للانتهازيين.