أبعاد دعوة أبو مازن لنزع سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان

في خطوة لافتة وغير معتادة رصدها موقع بلكي نيوز الأردني ، قام رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس (أبو مازن)، بزيارة إلى لبنان مؤخرًا، حملت في طياتها إعلانًا هامًا بشأن السلاح الفلسطيني الموجود في مخيمات اللاجئين وبيد الفصائل المسلحة على الأراضي اللبنانية. دعوة أبو مازن الصريحة بضرورة تسليم هذا السلاح للدولة اللبنانية تمثل تحولًا قد يغير معادلات قائمة منذ عقود.
خلال زيارته، أعلن أبو مازن عن البدء الفعلي لهذه الخطوة من خلال تشكيل لجنة مشتركة مع الحكومة اللبنانية، والتي باشرت عملها يوم الجمعة الماضي. ووفقًا لتصريحات الجانب اللبناني، من المتوقع أن تبدأ عملية نزع سلاح مخيمات اللاجئين الفلسطينيين خلال شهر يونيو/حزيران المقبل.
لا يمكن فصل هذه الخطوة عن تلاقي مصالح إقليمية ودولية متعددة. تشير المعلومات إلى أن المملكة العربية السعودية لعبت دورًا محوريًا في هذا الدفع، حيث طلبت من أبو مازن تنفيذ هذه الخطوة بهدف تقوية القيادة الجديدة في لبنان. هذا الطلب السعودي يعكس رغبة في استقرار لبنان وتعزيز سلطة الدولة، بما يخدم مصالح المملكة في المنطقة.
من جانب آخر، تتلاقى هذه المصلحة السعودية مع مصلحة أبو مازن نفسه. فبالإضافة إلى الأهداف المعلنة، يسعى رئيس السلطة الفلسطينية إلى الإضرار بمكانة حركة حماس ونفوذها في لبنان. لطالما كانت حماس تمتلك وجودًا ونفوذًا داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، وبالتالي فإن نزع السلاح قد يضعف من قبضتها ويقلل من قدرتها على التأثير في المشهد اللبناني والفلسطيني على حد سواء. هذا التلاقي في المصالح بين الرياض ورام الله يعطي لهذه المبادرة وزنًا وأبعادًا استراتيجية أكبر.
على الرغم من الإعلانات الرسمية والتوقعات ببدء عملية نزع السلاح قريبًا، إلا أن تنفيذ مثل هذه الخطوة لن يكون سهلًا. فالمخيمات الفلسطينية في لبنان لها خصوصيتها التاريخية والسياسية، والسلاح فيها يعتبره البعض جزءًا من "خط أحمر" يتعلق بالوجود الفلسطيني وحق العودة كما أن هناك فصائل فلسطينية لها مصالح راسخة في الإبقاء على سلاحها.
ومع ذلك، فإن الدعم السعودي القوي ورغبة السلطة الفلسطينية في تقليص نفوذ حماس، إلى جانب حاجة لبنان الملحة لتعزيز سيادته واستقراره، قد توفر زخمًا كافيًا للمضي قدمًا في هذه العملية. السؤال الذي يطرح نفسه هو مدى سلاسة هذا الانتقال، وما هي الضمانات التي ستقدم للفصائل والأفراد الذين سيسلمون سلاحهم، وكيف سيتم التعامل مع المقاومة المحتملة من بعض الجهات.
إن مبادرة أبو مازن في لبنان، بدعم سعودي، تمثل حجر زاوية جديد في ملف المخيمات الفلسطينية، وقد يكون لها تداعيات عميقة على المشهد السياسي والأمني في لبنان، وعلى مستقبل الفصائل الفلسطينية هناك.



















