+
أأ
-

لقاء السوري والإسرائيلي في باكو ما هي دوافع الجولاني لأذربيجان في حواره مع إسرائيل

{title}
بلكي الإخباري


 

 

كتب الناشر - في المشهد الجيوسياسي المتلاطم للمشرق العربي حيث تتداخل المصالح المعقدة والتحولات الجذرية لا يمكن اعتبار أي خطوة دبلوماسية بمعزل عن أبعادها الاستراتيجية إن اختيار قائد  انتقالي مثل أبو محمد الجولاني الذي تعد هيئة تحرير الشام تحت قيادته القوة المهيمنة على الأرض في سوريا بعد سقوط نظام الأسد لأذربيجان كساحة للحوار مع إسرائيل متجاوزا بذلك العواصم العربية يعد قرارا ذا دلالات عميقة ويكشف عن استراتيجية بالغة الأهمية في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ سوريا .

هذا القرار يمثل بحثا عن حياد استراتيجي لا يتوافر في أي عاصمة عربية فالدول العربية حتى تلك التي أقامت علاقات مع إسرائيل ما زالت تعاني من حساسيات شعبية وسياسية عميقة تجاه القضية الفلسطينية مما يجعل استضافتها لمثل هذا اللقاء أمرا معقدا ويعرضها لضغوط داخلية وإقليمية هائلة فأذربيجان بعلاقاتها المتوازنة مع إسرائيل والقوى الكبرى وبعدها عن مركز الصراع العربي الإسرائيلي التقليدي توفر للجولاني منصة لا تثقلها الأعباء التاريخية أو القيود الجماهيرية مما يمنحه المساحة اللازمة لإجراء محادثات حساسة دون إثارة ردود فعل قد تعرقل مساعيه ويقدم له غطاء دبلوماسيا يمكنه من المضي قدما في أجندته التي جاء من اجلها وينظر إلى هذا الاختيار كذلك كمحاولة من الجولاني  ل عوملة مساره السياسي وكسب شرعية دولية بعد سنوات من تصنيف فصيله ككيان متطرف فالسعي نحو الاعتراف الدولي وتطبيع العلاقات مع المجتمع العالمي يتطلب قنوات دبلوماسية غير تقليدية


استضافة أذربيجان لمثل هذا اللقاء يمكن أن تنظر إليها كخطوة متعمدة نحو كسر العزلة وتقديم هيئة تحرير الشام في ثوب جديد كلاعب براغماتي مستعد للانخراط في حلول واقعية فهذه رسالة واضحة للمجتمع الدولي مفادها أن القيادة الجديدة في المناطق السورية الخاضعة لنفوذه مستعدة لفتح قنوات حوار حتى مع ألد الخصوم التقليديين في سبيل إعادة بناء الدولة وتأمين مصالحها متجاوزة الإيديولوجيات القديمة التي كلفت سوريا الكثير علاوة على ذلك يمثل هذا التوجه كسرا جريئا للتابوهات الراسخة وإشارة إلى تحول عميق في مقاربة الصراع الإقليمي فاللقاء مع الإسرائيليين حتى لو كان غير مباشر في البداية هو خط أحمر تاريخي لم تقدم عليه معظم الفصائل السورية المعارضة

الجولاني باختياره لساحة غير عربية يرسل إشارة لا لبس فيها بأنه مستعد لاتخاذ خطوات غير مألوفة متجاوزا الخطوط الحمراء الإقليمية ومتحديا السرديات السائدة هذا النهج يهدف إلى إظهار قيادته كقوة قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية بمنأى عن الإملاءات الإقليمية والبحث عن مصالح خاصة  في معادلة جيوسياسية متغيرة بعيدا عن الالتزامات الأيديولوجية التي قد تعيق التقدم وتحقيق الاستقرار وتُشير هذه الخطوة كذلك إلى حسابات جيوسياسية جديدة ومصالح مشتركة ناشئة فأذربيجان بكونها شريكا أمنيا واقتصاديا موثوقا لإسرائيل توفر قناة خلفية ذات مصداقية قد تكون هناك مصالح أمنية متبادلة أو رغبة في استقرار الحدود أو حتى تنسيق غير مباشر في مواجهة قوى إقليمية أخرى تهدد الاستقرار هذا الاختيار يشير  بأن القيادة الحالية في مناطق سيطرة الجولاني تبحث عن حلول عملية لمشاكل سوريا المعقدة حتى لو تطلب ذلك إعادة تعريف للعلاقات الخارجية وفتح قنوات كانت تعتبر مستحيلة في السابق كل ذلك ضمن رؤية قائد يسعى لتثبيت مكانته وان يبقى رئيس  وإعادة بناء سوريا

إن اختيار باكو لمثل هذا الحوار من قبل الجولاني  ليس مجرد ترتيب لوجستي بل هو إعلان عن استراتيجية جديدة قائمة على البراغماتية والتحرر من قيود الماضي وسعي حثيث لإعادة تعريف دور سوريا في المنطقة متجاوزا إرث الماضي المعقد نحو مستقبل غير مؤكد