فيجا ابو شربي يكتب : بلغ الألم "سويداء" القلب

في الجنوب السوري، لا يصرخ الحجر عبثًا، ولا تهتز الأشجار من نسيم عابر، بل من وجعٍ تختزنه الأرض في عمقها منذ سنين. بلغ الألم "سويداء" القلب، هناك حيث لا كلمات تستطيع الوصول، ولا مواساة تُطفئ النار المستعرة. السويداء، التي كانت تُنشَد للحياة بين الجبال، صارت مسرحًا لمأساة يتكرر عرضها بلا جمهور… لأن الجميع إمّا مقتول، أو مفجوع، أو ينتظر دوره بصمت.
لم يعد الجرح سطحيًا يُرجى التئامه، بل صار مقيمًا في سويداء قلب الوطن. الأخ يقاتل أخاه، والجار يتحصن ضد جاره، والطفل يتيه في الطرقات يبحث عن معنى للبيت بعد أن صار مجرد ذكرى مهدّمة. أصوات الرصاص باتت أشبه بأغنية يومية، تحفظها الأمهات عن ظهر قلب، وتغنيها بدلًا من التهويدة.
من دمشق التي تشهد على الغارات، إلى قرى الجنوب التي تئنّ تحت أقدام الثأر، تمتدّ خيوط الحزن كثوبٍ أسود مفصّل على مقاس وطن. حتى الهواء هناك بات مشبعًا برائحة الرماد، والسماء تُشفق من أن تمطر، خشية أن تسقي أرضًا صارت تعرف الماء بوجه الدم فقط.
ما يحدث ليس حربًا تقليدية، بل نكبة متجددة، حيث تنهار المفاهيم قبل البيوت، ويُقتل الانتماء قبل الأجساد. في قلب هذا الوطن، خذلت السياسة الإنسانية، وصار الصمت الدولي شاهدًا على موت الضمير.
بلغ الألم "سويداء القلب"… ولم يبقَ إلا الدعاء أن لا ينطفئ ما تبقى من نورٍ في العيون، وأن تنهض سوريا ذات صباح، دون دمٍ في طرقاتها، ودون خوفٍ في.... "سويداء" القلب.



















