+
أأ
-

رنا الحجايا. تكتب : تمكين المرأة الأردنية في الحكم المحلي: دعوة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتهيئة بيئة داعمة

{title}
بلكي الإخباري

رنا الحجايا، رئيسة بلدية الحسا سابقا 

بصفتي رئيسة بلدية سابقة، شهدتُ بنفسي الإمكانات التحويلية للمرأة الأردنية في تشكيل مجتمعاتنا عندما تُتاح لها فرصة القيادة. ومع ذلك، فقد رأيتُ أيضًا العوائق - التي تكبت أصواتها وتحد من مساهماتها في الحكم المحلي. علينا ان نشير نظام التحديث السياسي (2021)، وهو إطار عمل رؤيوي أُطلق بتوجيه من جلالة الملك عبد الله الثاني، مسارًا جريئًا لتمكين المرأة كشريكة في العمل السياسي . ومع ذلك، لتحقيق هذه الرؤية على مستوى البلديات، يجب أن نعمل بحزم لتهيئة بيئة داعمة تسهل مشاركة المراة. والان هناك فرصه مهمه على نساء الاردن التقاطها في الدعوه الى افضل الممارسات من خلال حث صانعي السياسات على تضمين إصلاحات هادفة في قانون الإدارة المحلية. هذه الإصلاحات ليست اختيارية، بل هي حجر الزاوية لأردن عادل ومزدهر، حيث يمكن للمرأة القيادة والحكم والازدهار.

تُعدّ البلديات نبض المجتمعات الأردنية، إذ تقدم الخدمات الأساسية وتشكل السياسات المحلية. وقد أعطى نظام التحديث السياسي، عن حق، الأولوية لتمثيل المرأة، حيث نص على مشاركة 30% من النساء في المجالس البلدية ومجالس المحافظات، وضمن وجود نائبة رئيس عندما يكون الرئيس رجلاً. ومع ذلك، وبصفتي رئيسة بلدية سابقة، أُدرك أن نظام الحصص وحده لا يكفي لتمكين المرأة الحقيقي. يجب أن تكون المرأة قادرة على التنقل بحرية، والوصول إلى أماكن العمل، وتحقيق التوازن بين مسؤولياتها الأسرية لتؤدي عملها بفعالية كعضوة في المجلس، أو رئيسة بلدية، أو مدافعة عن حقوق المجتمع.

تظهر بيانات البنك الدولي صورة قاتمة: 14% فقط من النساء الأردنيات يشاركن في القوى العاملة، وهي من أدنى المعدلات عالميا كما ورد بتقرير المرصد الاقتصادي الأردني، 2023. وتشير 44% من النساء إلى المسؤوليات الأسرية كعائق، ويتفاقم ذلك بسبب نقص خدمات رعاية الأطفال بأسعار معقولة او احيانا عدم توفرها اساسا.  

وقد فاقم جائحة كوفيد-19 هذه التحديات، حيث فقدت ثلث العاملات وظائفهن مقارنة بـ 17% من الرجال . علينا ان ندرك عدم المشاركة بشكل كامل في الحوكمة المحلية للمراة يجعل الإصلاحات السياسية غير مكتملة. و يقع على عاتقنا جميعا  التزام أخلاقي واستراتيجي بالعمل، لضمان أن تكون المرأة ليس فقط حاضرة، بل قوية وقادرة على العمل و الانجاز.

لقد مكن نظام رعاية الأطفال الشامل في الدنمارك، الذي يغطي 98% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنة وخمس سنوات، من تمثيل النساء بنسبة 44% في المجالس المحلية ومن خلال مساعدة المرأة في تحمل أعباء رعاية الأطفال، أثبتت الدنمارك أن دعم الأسرة حافز للقيادة السياسية. ويجب على الأردن أن يحذو حذوها، من خلال تضمين بنود حقيقيه تتبعها اجراءات عمليه لرعاية الأطفال في ميزانيات البلديات وان تتقاسم هذة المسؤوليه مع وزارة التنميه الاجتماعيه باعتبار البلديات ذراعا تنفيذيا تنمويا.

وبالحديث عن النقل وخاصه في المناطق خارج عمان لا زالت تشكل تحديا اجتماعيا و اقتصاديا في ظل غياب مواقف الباصات و مواعيد منتظمه و مضبوطه و غياب ممارسات لتعزيز الحوكمه في هذا القطاع و غياب الرقابه عليه واقول ذلك من خبرتي العمليه عندما شرعت بانشاء مواقف للباصات في مدينتي و تفاجات بعدم التزام معظم الخطوط بمساراتها و بل بعدم دخولها مدينتي مما يضطر النساء الوقوف طويلا على الخط الصحراوي و بدون مظلات في احيان كثيره و للاسف يمارس بعض اصحاب الباصات ضغوطات على الحكام الاداريين المعنيين في مرقبة ومتابعة التزام وسائل النقل العامه بالخطوط التي تحمل رخصتها و هذا امر متكرر في عدة مدن للاسف . على القطاع النسائي ان يعمل على الدعوه لتمكين النساء من المواصلات العامه و ان تتبنى البلديات بالتعاون مع المحافظات و الحكام الاداريين خطط واضحه لحل هذة المشكله.  

ان المشاركه السياسيه للمراة في الادارة المحليه ترتبط في سياسات النوع الاجتماعي و التي تبنتها الاردن منذ سنوات ومطلوب جهود حقيقيه للجنه الوطنيه لشؤون المراة و اللجنه الوزاريه للمراة في تنظيم خارطة طريق نحو اصلاح الممارسات في الادارة المحليه من خلال حملات التدقيق و المتابعه و التقييم لضمان ان تعكس السياسات واقع المراة الاردنيه و تاهيل القيادات النسويه.

هذه الممارسات ليست بعيدة المنال، بل هي حلول يُمكننا تبنيها، مما يضمن للنساء القدرة على ممارسة دور تنموي فاعل من خلال تبني اصلاحات قانونيه و اجرائيه تتناسب مع السياق الأردني و ساتحدث بصفتي رئيسة بلدية سابقة، وعضو في المجلس الاستشاري لمحافظة الطفيله لعدة سنوات وذات تجربه طويله في قطاع الادارة المحليه بكل اتجاته أقترح ان يتطور قانون الإدارة المحلية، بما يضمن مشاركة  المرأة وحصولها على فرص العمل كأساس للتمكين السياسي.

تعديل قانون الإدارة المحلية ليلزم البلديات بتخصيص 10% من ميزانياتها بحلول عام 2027 للنقل المراعي للنوع الاجتماعي، بما في ذلك خدمات الحافلات المخصصة والتي تساهم في توفير نقل امن في اوقات مختلفه و ان يتم ذلك ضمن شراكة ثلاثية الابعاد بين وزارة النقل و الداخليه ممثلة بالحكام الاداريين و البلديات وان تؤكد على احترام القوانين .

تكليف كل بلدية بإنشاء مركز رعاية أطفال واحد على الأقل مدعوم بحلول عام 2028، وتطبيق تعديل قانون العمل لعام 2019. تأمين التمويل من خلال المرافق الدوليه والتي تدعم هذة المبادرات .

اما فيما يتعلق بالتدريب و التوعيه فهناك حاجه ماسه الى اعادة تقييم المنهجيات التي قامت عليها هذة البرامج ليتسنى تبنى برامج اكثر فاعليه . و خاصه دراسة ما تبناه المجتمع المدني و اسباب الفشل و النجاح و اطلاق دراسات حقيقيه عن هذة المنهجيات و استطلاعات راي تشكل مرجعيه اساسيه للتقييم. وخاصه تقييم برامج الامم المتحده للمراة في الاردن و اكاديمية القيادة السياسيه وكيف تطوير ادائها و دمجها ضمن انشطة و مبادرات سياسيه.

العمل على تدريب البلديات و تاهليها و ذلك لالزام البلديات بنشر تقارير سنوية عن النوع الاجتماعي ، تفصل تمثيل المرأة ومخصصات الميزانية للتنقل ورعاية الأطفال. تطبيق عمليات تدقيق للنوع الاجتماعي، لضمان تلبية السياسات لاحتياجات المرأة.

يتطلب المشهد الاجتماعي والثقافي المتنوع للأردن نهجًا دقيقًا و يعالج التحديات الاجتماعيه و التي تشكل عائقا امام تعزيز مشاركة المراة السياسيه في الادارة المحليه و خاصه اشراك اصحاب العلاقه لدعم مشاركة المراة على المستوى المحلي سياسيا و الاستفاده من خبرات العديد من القيادات النسويه في الاحزاب , و معالجة اي تحديات ثقافيه قد تحد من مشاركة المرأة الاردنيه. من الاهميه العمل على مراعاة التفاوتات بين المحافظات وادار المراة فيها مع إعطاء الأولوية للمناطق المحرومة من الخدمات مثل معان والطفيلة، حيث تقل نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة عن 10%، لضمان التمكين العادل.

لقد رأيتُ و عايشت مرونة المرأة الأردنية وإمكاناتها واصرارها عل العمل و التقدم. لكنني رأيت أيضًا معاناتها - الأمهات غير القادرات على حضور اجتماعات المجلس بسبب نقص رعاية الأطفال، والشابات اللواتي يُثنين عن ذلك بسبب التنقلات غير المتوفره ، لقد أرسى نظام التحديث السياسي الأساس، ولكن حان الوقت للبناء عليه.