نبيه ريال يكتب : لا عزاء للبتراء.

بقلم نبيه ريال - امين سر جمعية الاقتصاد السياحي ( تحت التأسيس)
خلال عملي في قطاع السياحة الوافدة لفترة تزيد بقليل عن 35 عاما، لم ارى ولم يمر علينا كعاملين في قطاع السياحة الوافدة اسوأ مما نمر به الان، فالوضع اسوأ بكثير مما كانت عليه ايام احداث سبتمبر، او الانتفاضات، او تفجيرات فنادق عمان، او الربيع العربي، او حتى ايام جائحة كورونا، فالقطاع الان في حالة موت سريري لم نشهده من قبل.
الركود السياحي الذي بدأ من 07/10/2023 تحول تدريجيا الى مأساة حقيقية قد تطيح بالقطاع، وبدء الانهيار بداية سنة 2024 والتي اعتبرها القطاع من اسوأ الاعوام السياحية، ولكن للاسف لم تكن كذلك، لأن سنة 2025 تفوقت عليها بالسوء، لكن المخيف هو ما ينتظرنا في سنة 2026 لأن الطلبات والحجوزات تقريبا تتلاشى تماما.
هذه الفترة من الصيف بالعادة تكون فترة التحضير للحجوزات لسنة 2026، وما نراه مخيف ومن خبرتي في هذا القطاع استطيع ان اجزم انها ستكون اسوأ من 2024 و 2025.
كيف سيصمد القطاع، فعليا لا اعلم؟!
من خبرتي كذلك اجزم انه لن يصمد لأكثر من نهاية هذا العام، الا اذا ما توفرت الحلول الفورية، واعني بأنه لن يصمد، سنجد اغلاقات وافلاسات في كافة مكونات القطاع من شركات السياحة، فنادق، محلات تحف، قطاع النقل السياحي، مطاعم خارج عمان وغيرها، والاصعب من ذلك كله سنخسر الأيدي العاملة المدربة والتي ستنتقل الى قطاعات اخرى، او ستهاجر بحثا عن رزقها وهذه ضربة موجعة لهذا القطاع.
تحدثنا كثيرا عن الارقام المضللة التي تخرج بها علينا الجهات الحكومية المختصة والتي تحدثت عن ارقام لا تمس الواقع السياحي نهائيا، وللاسف تتحدث عن طفرات سياحية حيث تقارن ارقام 2025 بأرقام سنة 2024 معتبرتها سنة قياس، فأي منطق هذا؟ اذا اردنا المقارنة فيجب ان تكون مع سنوات مزدهرة سياحيا مثل 2019 و 2023 وهنا ستكون الصدمة الفعلية، ولكن للاسف ليس هناك من مجيب رغم صيحات القطاع المستمرة و للأسف ما زال التضليل مستمرا.
نعم، لا عزاء للبتراء وجرش ومادبا ووادي رم وغيرها من كنوزنا السياحية، لأن القادم اعظم بكل ما في الكلمة من معنى، فهي سنين عجاف قادمة لا محالة، فعليكم بالصبر والتحمل ايها المستثمرين والعاملين في السياحة، بالله عليكم اصبروا وتحملوا ولا تعولوا على احد لأنه لا مجيب ولا مستمع لصرخاتكم فنحن بحاجة اليكم عندما تعود السياحة (والله اعلم متى؟) …
تخيلوا معي ان تعود السياحة لو فرضنا في الربع الاخير من 2026 فكيف ستكون البنية التحتية لخدمة السياح اذا ما اغلقت الفنادق والمطاعم وتسرح العاملين، سنكون عدنا الى نقطة الصفر وسندخل في معاناة جديدة لا تحمد عقباها.
انا استغرب كيف لا تسمع شكوانا وصيحاتنا، فنحن قطاع مهم وكان يساهم في 12-13% من الدخل القومي، نحن صناعة تصديرية نسوق بها ثقافاتنا وتاريخنا وتراثنا بدون اية مدخلات صناعة تستورد من الخارج، نحن ندير عجلة الاقتصاد ونعيل مئات الاف من شعبنا والذين يعملون و يستفيدون من هذه الصناعة مباشرة او بطريقة غير مباشرة.
لقد طرقنا كل الابواب ولكن كانت كلها مغلقة للاسف، وسنبقى ننزف ولكن لن نتخلى عن مسؤولياتنا، فنحن نفط الاردن الذي يجب ان لا ينضب شاء من شاء وأبى من أبى.
هذه صرخة لاصحاب القرار، هذه الاردن بالله عليكم، هذا وطننا فكونوا على قدر المسؤولية واحموا هذا القطاع.
نحن لا نطلب المستحيل ، فنحن نعلم الوضع الاقتصادي للدولة، فطلباتنا اسهل من ان يتم اهمالها:
- نريد جدولة للقروض بدون فوائد للمستثمرين الذين يخسرون استثماراتهم.
- نريد قروض طويلة الأمد بدون ن فوائد للقطاع و حسب الضرر.
- نريد المحافظة على الايدي العاملة في القطاع بأية طريقة ترونها مناسبة مثل برامج الضمان الاجتماعي ( استدامه) التي أطلقت خلا الجائحه و التي نشلت القطاع .
- نريد تسويق الاردن بصورة حضارية وموجهة الى المستهلك النهائي من خلال مؤثرين عالميين.
- نريد العودة الى اسواقنا التقليدية ومشاركة اصحاب الخبرات من القطاع الخاص في بناء خطة تسويقية محكمة وليس ان يتم رسم هذه الخطة بصورة منفردة لمن هم لا يملكون جزء يسير من خبرات العاملين في هذاا القطاع، فنحن من حملنا الاردن سياحيا على اكتافنا ولسنوات عديدة.
- نريد تفعيل الدور الدبلوماسي من خلال سفاراتنا في الخارج والسفارات الاجنبية في الاردن لتغيير صورة الاردن في الخارج وتغيير التصنيفات الغير مبررة التي تصنف الاردن الامن والمستقر والحمدلله اسوة بدول تدمرها الحروب والنزاعات.
اعيد و اكرر، هذه الاردن بالله عليكم يا حكومتنا فكفانا مغالطة الواقع والتباهي بشعر بنت خالتنا، ومن لا يعي ماهي الاردن، وما دور السياحة في رفع الاردن، ومن لا يريد ان يسمع او يحرك ساكنا لانقاذ ما تبقى من هذا القطاع فليتنحى جانبا لأن الاردن اكبر منا جميعا و لأن القادم اعظم على هذا القطاع و لأن التاريخ لن يرحمه.
وبقي ان اذكر انه ليس السياحة الوافدة وحدها تحتضر، بل كل مكونات السياحة تعاني ولو بدرجة اقل، مثل التذاكر، السياحة الصادرة، الحج والعمرة وحتى السياحة الداخلية، فهذا القطاع بمجمله في مهب الريح.



















