م رنا الحجايا. تكتب : التلاعب بالادراة المحليه: هل هو مقدمه لصعود العصابات السياسية ؟

رئيسة بلدية الحسا سابقا
في قلب الأردن، حيث تتشابك أحلام المواطنين مع تطلعات الوطن نحو التقدم والاستقرار، تواجه الديمقراطية المحلية تحديات تتطلب منا جميعًا الوقوف معًا لحماية قيم العدالة والمشاركة. إن نزاهة مؤسساتنا الديمقراطية، التي تُعد ركيزة أساسية لتحقيق رؤية الأردن 2025، تتعرض أحيانًا لممارسات تُعيق مسيرتها، والتي يمكن أن نصفها بمصطلح "العصابات السياسية". هذا المصطلح، المستوحى من النظريات السياسية النقدية، لا يُشير إلى عصابات إجرامية بالمعنى التقليدي، بل إلى أساليب سياسية تستغل الثغرات المؤسسية والغموض القانوني لتعزيز مصالح نخبة ضيقة على حساب صوت الشعب.
في ظل غياب الحوكمه السياسيه اصبح هناك منهجية لترسيخ ما يمكن تسميته بالعصابات السياسية للآليات الديمقراطية وعلينا ان نوضح استراتيجياتها وتداعياتها على مرونة الديمقراطية. حيث تواجه نزاهة المؤسسات الديمقراطية تحديات غير مسبوقة، نتيجة ممارسات تُقوّض ثقة الجمهور وتُقوّض مبادئ الحكم. ومن بين هذه التحديات، تبرز ظاهرة يمكن تشبيهها بنمط "العصابات السياسية" كتهديد خبيث، يتسم بالتلاعب شبه القانوني بالأنظمة الديمقراطية لتعزيز السلطة الفرديه لنخبة سياسيه ضيقة.
النظرية السياسية النقدية،تصور العصابات السياسيه بانها إلى أسلوب سياسي يعمل ضمن الهياكل الرسمية للديمقراطية، ولكنه يستخدم أساليب تلاعبية، غالبًا ما تكون شبه قانونية، لخدمة مصالح بعض السياسيين الفاسدين لتمرير اجنداتهم الخاصه او تبرير فشلهم و لضمان استمراريتهم .
وعلى عكس المنظمات الإجرامية التقليدية، لا تعمل العصابات السياسية خارج نطاق القانون، بل تستغل الغموض القانوني والثغرات المؤسسية والسخط العام لترسيخ سلطتها. وهذا للاسفيدعونا للتساؤل هل الحمله الممنهجه للاساءه لبعض رؤساء البلديات و التي شهدناها على نطاق و اسع على الاعلام المحلي هو لتبرير منهجية التعين و ان يتقبل المجتمع هذا الاعتداء على الديموقراطيه من خلال اضعاف الاراده الشعبيه ؟ هل يشكل ذلك عاملا محفزا لتشكيل مثل هذة العصابات السياسيه ؟ هل تتماشى هذة المنهجيه التي استخدمتها وزارة الادارة المحليه مع التفسيرات الماركسية للدولة كأداة للطبقة السياسيه ؟ ، كما عبّر عنها ماركس وإنجلز، ولكن في السياق الاردني المحلي لا زالت ممارسات فرديه ولكنها تتطور بسرعه غريبه تثير مخاوفنا جميعا.
يتميز رجال العصابات السياسية بروحهم الانتهازية، حيث يُعطون الأولوية للولاء الشخصي - على المصلحة العامة و تشمل استراتيجياتهم استغلال وسائل الإعلام، والتلاعب بالعمليات الانتخابية، واستغلال السياسات الاقتصادية ، كل ذلك مع الحفاظ على مظهر الشرعية الديمقراطية مما يُقوّض هذا التلاعب الأسس التداولية للديمقراطية، ويعزز السخرية والاغتراب بين المواطنين.
ان اشد ما يثير مخاوفي الشخصيه انه بالرغم من كل المؤشرات التي تبين ان هناك غياب كامل للحوكمه و الشفافيه و بل تعمد الغموض و انصاف الحقائق في ملف الادارة المحليه الى اننا قد نكون نتجه بادراك او بدون ادراك الى ترسيخ منهجية "العصابات السياسيه" و التي تستخدم الوسائل المُصمّمه لتعزيز السلطة الفرديه للمسؤول او الوزير مع الحفاظ على مظهر السيادة الشعبية.
وهنا يحق لنا ان نتسائل حول عدة قضايا اولها هل يوجد لدينا تلاعب بالتقارير و التفتيش و المعلومات الوطنيه في هذا الجانب ؟ و الذي اقرع الجرس و بشده تجاهه هو السيطرة المركزية على وسائل الإعلام من قبل العصابات السياسية وذلك لتشكيل الخطاب العام وتجاهل الانتقادات. فمن خلال وصف الأصوات المعارضة بأنها "أخبار كاذبة" أو تشويه سمعة من يتحدث بالحقيقه ، و السعي الى التقلقل من أهمية الحقيقة ويدعون ان المجتمع و القيادات المنتخبه مثل رؤساء البلديات غير قادرين على ادارة بلدياتهم ويتم تجاهل حقيقة غياب الصلاحيات لرؤساء البللديات و بالتالي يتم بتوجيه من الحكومه وبدون ادراج او تقييم لمسارات الاصلاح المقترحه باتخاذ قرارات لا تعمل الا على زيادة سيطرة فرد او مجموعه صغيره من الافراد على القرار في البلديات جميعا.
وعلينا ان نتحدث عن مخاوفنا بصراحه و خاصه ان احد الاساليب المتبعه من قبل هؤلاء الافراد و الذين يشكلون جزء من عصابه سياسيه تطمح للسيطرة على القرار و بالتالي تمرير اجندات و مصالح خاصه هو اللجوء الى سياسه تعد اساس الخطاب الشعبوي و لكنها توجهها تجاه الانظمة الحاكمه و الاجهزة المعنيه بامن و استقرار الدوله من خلال الاستخدام الاستراتيجي بما يسمى ( ارهاب المعارضين ) او ( الاجندات الخارجيه ) و الذي طبعا سيعني التشكيك بالمعترضين على الفساد السياسي ( الناعم ) الذي يمارسه افراد او احد اعضاء هذة العصابه السياسيه , و ذلك لتُشتيت الانتباه عن السياسات التي تُرسّخ المصالح الشخصيه لذلك المسؤول و لتلك العصابه الناشئه بهدوء على سبيل المثال لاحظنا في الاونه الاخيره ان يُؤدّي التضخيم الاستراتيجي للمخاوف على الهويه الوطنيه ومفهومها – و مخاوف التوطين أو الارهاب - إلى تقسيم الامه و المواطنين الى منتمي و غير منتمي وفي نفس الوقت يتم إخفاء الممارسات غير الديموقراطيه و غير العادله و الثغرات الخطيره في منظومة الاصلاح السياسي للادارة المحليه بالاضافه الى محاوله لاخفاء أوجه التفاوت الاقتصادي بين المواطنين .
وعلى صعيد الادارة المحليه ايضا وفي عمق الاتجاه الاقتصادي فيها و سياسيات المشاريع الوطنيه اتسائل هل وصلنا الى مرحله يتم فيها التلاعب من قبل "العصابات السياسية" بالسياسات الاقتصادية و المواقع الاقتصاديه البارزة لمكافأة الموالين وترسيخ سلطتهم؟ والتي غالبًا ما تُبرّر هذه السياسات على أنها ضرورات اقتصادية !! والعمل على تغييب الكفاءات الحقيقيه و تُولّد هذه المحسوبية تبعية بين هذة العصابات السياسيه والموالين، مما يُعزز سلطة هذا المسؤول وبالتالي يُهمّش الاحتياجات المجتمعية الأوسع وخاصه بعد اضعاف اصوات المعارضين لهذة السياسات . من خلال التشكيك بولائهم !
انني اعتقد ان هذة العصابات السياسيه تزدهر في أوقات الأزمات، سواءً أكانت اقتصادية أم اجتماعية أم سياسية حيث تُتيح الأزمات فرصًا لتبرير إجراءات استثنائية، مثل تقييد الحريات المدنية أو ترسيخ السلطة التنفيذية وبل ان مخاوفي تزداد بان كثيرا من هذة الازمات هي ازمات مصطنعه و مبالغ فيها - مثل تبرير سيطرة وزارة الادارة المحليه على كل قرارات البلديات بان مرجعها الى ازمه ما لم نفهمها لغاية الان – ولغايات حشد الدعم الشعبي وتسكت المعترضين على هذة القرارات التي هي اساس مشاكل الادارة المحليه ! ان هذة المنهجيه وساكون قاسيه قليلا في طرحي تسعى الى خلق "دولة بلا دولة"، حيث توجد مؤسسات رسمية ولكنها خاضعة للسلطة الشخصية.
لا زلت اصر و بشده على ان ما يدور من قرارات في الادراة المحليه يجب ان يخضع للمساءله و المراجعه الوطنيه الحثيثيه بما فيها مخرجات التحديث السياسي للادارة المحليه وربطها بالاقتصادي و الاداري و ان تبدا المساءله الشفافه بمنهجية التعين للجان الاخيره و مبرراتها و خاصه الانتماءات الحزبيه و المؤهلات الاكاديميه و الخبرات الحقيقيه و طريقة التنفيذ ز
و ان تبرز الحكومه خارطة الطريق نحو الاجراءات القادمه و ربطها بمؤشرات حقيقيه واضحهو ليس غامضه ! حتى لا نسمح بصعود العصابات السياسية بدون ادراك او وعي منا و الذي سيخلق تحديات عميقة للحكم الديمقراطي فما يحدث هو مشابه لمنهجيات العصابات السياسيه من حيث تفريغ المؤسسات ، ونسبية الحقيقة، وتعزيز السخرية العامة على المؤسسات الديموقراطيه .
والذي يثير مخاوفي بأنه سيُتيح هذا التآكل للضوابط والتوازنات لوجود سلطةً مطلقة، بينما تُفاقم السياسات و المخرجات الفاشله الى المزيد من السخط الذي يستغله رجال العصابات السياسيه . وهذا يُنشئ حلقةً مفرغةً حيث يُولّد هذا ما يسمى بنوع من الانحطاط الديمقراطي و الذي سيقود الى المزيد من التلاعب حيث تُطمس العصابات السياسية الخط الفاصل بين الديمقراطية والاستبداد، إذ تعمل ضمن أطر قانونية لكنها تُقوّض جوهره.
تمثل العصابات السياسية اذا تشكلت و التي ستكون تهديدًا متطورًا وخفيًا للحكم الديمقراطي، إذ تتلاعب بالمؤسسات لخدمة مصالح النخبة، متخفيةً وراء الشرعية الشعبوية. وباستغلالها وسائل الإعلام وبعض منظمات المجتمع المدني الفاسده والسياسات الاقتصادية والأزمات، تُقوّض العصابات السياسية أسس الديمقراطية، مُعززةً بذلك دوامة من السخرية وعدم المساواة. وتتطلب مواجهة هذه الظاهرة إصلاحات مؤسسية فعّالة تقودها مؤسسات ذات خبره امنيه و سياسيه ، وشفافية إعلامية، ورقابه شعبيه حقيقيه وعدالة اقتصادية.
لا زلنا نتحدث في جانب المخاوف و التي يجب ان نحذر من تطور هذة العصابات ّ


















