+
أأ
-

المهندس خالد بدوان السماعنة. يكتب : خاطرة | حين يحجب الغيم وجه القمر

{title}
بلكي الإخباري

 

في مملكة بعيدة، كان هناك أمير يحب النور ويبحث عن الحقيقة، فاختار إلى جواره نديما ومستشارا لا يهادن في النصح، يضع المصلحة قبل الرضا، والحقيقة قبل التصفيق. كان المستشار كالمِرآة الصافية، لا تجمّل القبح، ولا تخفي الشقوق، بل تريها كما هي، حتى تُصلَح قبل أن تكبر.

لكن في الأروقة المظلمة، حيث يختبئ الخائنون بين الظل والستار، كان النور الذي يحمله المستشار يفضح وجوههم. فلم يجدوا لأنفسهم ملاذاً إلا في إذكاء نار الوشاية، يوغرون صدر الأمير على مستشاره، يلوّنون الأكاذيب بلون الذهب، ويزرعون الشك بين القلب والعين.

ومع كل همسة مسمومة، كان الجدار بين الأمير ومستشاره يعلو، حتى حجبت الغيوم القمر عن السماء. ابتعد المستشار، وخلا الجو للخائنين، فملؤوه بالوعود المزخرفة والابتسامات الكاذبة، بينما كانوا ينزعون الطوب من أساس القصر حجراً حجراً.

ولم يدرك الأمير أن القمر غاب إلا حين وجد نفسه في ليل بلا نجوم، ولا صوت إلا وقع أقدام الخيانة تقترب من عرشه. عندها تمنى لو عاد المستشار، ولو عادت المِرآة، ولو عاد النور قبل أن يكتمل الظلام.