+
أأ
-

"أمانة المجالس في زمن صبيان البث المباشر: حين تتحوّل العطوة إلى وقود للتوتر المجتمعي"

{title}
بلكي الإخباري


 

كتب الناشر - تُعدّ العطوة العشائرية تقليدًا عريقًا وجزءًا أصيلاً من النسيج الاجتماعي في مجتمعنا الأردني ، فهي تمثل حجر الزاوية في حل النزاعات وقضايا الدم، حيث يسودها الهدوء والحكمة والسرية لضمان التوصل إلى حلول عادلة وتهدئة النفوس. إلا أن ظهور ظاهرة البث المباشر عبر منصات التواصل الاجتماعي قد بدأ يهدد هذا التقليد الأصيل، محولًا جلسات العطوة من مجالس سرية إلى مسرح مفتوح أمام الرأي العام، مما قد يتسبب في عواقب وخيمة.
 

إن بث جلسات العطوة مباشرةً من بعض بعض صبيان مواقع التواصل الاجتماعي  يُعد انتهاكًا صارخًا لأمانة المجالس. فمن المعروف أن هذه الجلسات تُعقد في أجواء حساسة للغاية، خاصةً في قضايا الدم، حيث يكون ذوو المجني عليه أو المصاب في حالة من الغضب والانفعال. في تلك اللحظات، قد يتفوه أحدهم بكلمات قاسية أو شتائم بحق الجاني وعشيرته، وهو أمر يُتفهم في سياق الألم والغضب. لكن عندما تُنقل هذه الكلمات مباشرةً إلى الآلاف، فإنها تصل إلى الطرف الآخر في نفس اللحظة، مما يؤجج المشاعر ويغذي التوتر، بدلاً من تخفيفه.
 

لقد شهدنا في الماضي كيف تسببت هذه الظاهرة في زيادة حدة الخلافات، ووصل الأمر في بعض الحالات إلى اندلاع مشاجرات كبيرة نتيجة لتحوّل الحوار الهادئ إلى استعراض علني للمشاعر السلبية. إن الهدف الأساسي من العطوة هو احتواء الأزمة، وليس فضحها أو جعلها مادة للفرجة.
 

إن استمرار هذه الظاهرة دون وجود ضوابط واضحة يشكل خطرًا حقيقيًا على السلم المجتمعي. فالمطلوب اليوم هو وضع قواعد صارمة تمنع بث هذه الجلسات، لتعود العطوة إلى دورها الأصيل كأداة للمصالحة والتسامح، بعيدًا عن ضجيج الكاميرات والجمهور.