عندما يهزم المرض جهاد ابو بيدر : معركة مع الحياة

كتب الناشر - في عالم الصحافة، حيث الكلمات هي السلاح والبحث عن الحقيقة هو الهدف الأسمى، غالبًا ما ننسى أن وراء كل مقال وتقرير هناك إنسان يحمل همومه وأحلامه. عندما يواجه الصحفي مرضًا، فإن المعركة تتخذ أبعادًا مختلفة. إنها ليست مجرد صراع جسدي، بل هي معركة وجودية تطفح فيها كل هموم الحياة على السطح.
الصحفي بطبيعته محارب. يحارب من أجل الخبر، ومن أجل إيصال صوت من لا صوت لهم. هو شخص لا يهدأ، يطارده الموعد النهائي، وتُثقل كاهله مسؤولية الكلمة. ولكن حينما يقتحم المرض حياته، تتوقف عقارب الساعة. يصبح جسده ساحة معركة جديدة، وتتحول الأولوية من البحث عن الأخبار إلى البحث عن الشفاء.
في هذه اللحظة، تتجلى حقيقة أن الصحفي، رغم قوته وقلمه، هو إنسان ضعيف أمام قضاء الله. كل الضغوط المهنية، كل الصراعات السياسية التي تناولها، تتلاشى أمام ألم المرض. تصبح مشاعر القلق والخوف من المستقبل هي العناوين الرئيسية في حياته، وتغدو همومه الشخصية هي القضية الأهم.
لكن ما يميز الصحفي الحقيقي، وما يميز جهاد أبو بيدر، هو قدرته على تحويل هذا الألم إلى قوة. فهو لا يستسلم، بل يواصل القتال. قد يكون قلمه قد توقف مؤقتًا، لكن عزيمته لا تزال تكتب سطورًا من الصبر والإيمان. إن مرضه ليس نهاية مسيرته، بل هو فصل جديد يضيف إلى تجربته الإنسانية عمقًا وبعدًا.
وعندما يهزم المرض صحفيًا مثل جهاد أبو بيدر، فإننا لا نرى استسلامًا، بل نرى شجاعة. إنها تذكرة لنا جميعًا بأن وراء كل مهنة، هناك إنسان يواجه معاركه الخاصة، وأن القلم الذي يكتب عن هموم الناس، غالبًا ما يكون مثقلًا بهمه الخاص أيضًا.















