+
أأ
-

منى الغانم. تكتب :“المقعد الخالي لا يصنع مستقبلاً…!

{title}
بلكي الإخباري

 

في كل صباح، تدق أجراس المدارس معلنة بداية يوم جديد، ولكن داخل بعض الصفوف، تبقى مقاعد فارغة، تنتظر وجوهًا لا تأتي. في مرحلة تُعد الأهم والأكثر حسمًا في حياة الطالب — مرحلة الثانوية العامة — يصبح الغياب أكثر من مجرد “عدم حضور ”، بل علامة استفهام كبيرة حول الانضباط والمسؤولية والمستقبل .

إن المقعد الخالي لا يصنع مستقبلًا، 

لأن الطالب لا يحضر ولا يتعلم، ولا يشارك، ولا يخطو خطوة نحو النجاح. تفاقم ظاهرة غياب الطلبة وخاصة الثانوية العامة بات يُنذر بعواقب تربوية وتعليمية ومجتمعية خطيرة، تستوجب وقفة جادة من الجميع: 

الأسرة، المدرسة، والمجتمع ككل.

ومع اقتراب بدء العام الدراسي الجديد لا بد من الاجابة على هذا السؤال الهام:-

 ما الذي يدفع هؤلاء الطلبة لترك مقاعدهم في وقت هم فيه بأمسّ الحاجة إليها؟ 

ان من أهم الأسباب التي أدت الى تفاقم ظاهرة تغيب طلبة الثانوية العامة عن المدرسة ما يلي:-

* الضغط النفسي والخوف من الاختبارات مع عدم توفر التوجيه والدعم المناسب لهم في هذه المرحلة.

* الاعتماد على الدروس الخصوصية والمنصات التعليمية وعدم الاكتراث لحضور الحصص الصفية المدرسية.

* عدم الاعتماد على المعلم والكتاب المدرسي، وقلة الثقة بجودة التعليم المدرسي.

* الشعور بالإرهاق الذهني والتعب وفقدان الشغف المرتبط بالتوتر والقلق وسوء تنظيم الوقت.

* غياب الأنشطة التعليمية التفاعلية وعدم وجود بيئة تعليمية محفزة وجاذبة .

* ضعف الرقابة الوالدية، وتشجيع الأسر لابنائهم على التغيب عن المدرسة اما لعدم الاهتمام بالتزامهم، او اشفاقا عليهم من الضغط المتكرر وضيق الوقت.

* معاناة فئة من الطلبة من بعض الظروف الصحية أو الظروف المادية التي تضطر الطالب للتغيب عن المدرسة.

* تساهل بعض الإدارات المدرسية والمعلمين في ضبط غياب الطلبة بدقة.

لا بد من وقفة جادة للقضاء على هذه الظاهرة السلبية بزيادة الوعي لدى الطلبة وأولياء أمورهم بأهمية الالتزام بالحضور، وتحفيز المعلمين ذوي الخبرات على العطاء وايجاد الدافعية والإحساس بالمسؤولية لديهم تجاه طلبتهم، مع عدم اغفال دور المرشد التربوي في التواصل الفعّال مع الطلبة وخاصة في فترة الامتحانات، وتكثيف اللقاءات التوعوية لأولياء أمور الطلبة للتعاون في ايجاد بيئة تعليمية ملائمة والقضاء على الظواهر السلبية المتعلقة بهذه المرحلة.

وقد أولت وزارة التربية والتعليم الأردنية أهمية كبيرة للحدّ من هذه الظاهرة والآثار السلبية الناجمة عنها من خلال اصدار التعليمات الناظمة بتحديد عدد أيام الغياب المسموح  ب 10% من اجمالي عدد أيام الدراسة كحد أقصى ، وتكثيف الزيارات الميدانية للمدارس، والتأكيد على دور الإرشاد التربوي في تقديم الدعم النفسي والإرشادي والتربوي للطلبة، وارسال رسائل توعوية إلى أولياء أمور الطلبة والمجتمع المحلي.

وفي الختام، علينا أن ندرك أن الغياب عن المدرسة ليس مجرد تفويت لحصص دراسية، بل هو خطوة إلى الوراء، وعثرةٌ في طريق العِلم لما له من أثر مباشر على جودة التعليم ومخرجاته. فكل جهد نبذله اليوم هو استثمار في مستقبلنا غدًا. فلنكن جميعًا على قدر المسؤولية، ولنجعل من الالتزام والجدّ طريقنا نحو التميّز والنجاح. ولنجعل مقاعدنا المدرسية عامرة بالعقول المتَّقدة، والآمال المشرقة لمستقبلٍ واعد.