+
أأ
-

مؤرخون وعسكريون سابقون: استئناف خدمة العلم مسيرة تاريخية تتجدد برؤية هاشمية عصرية

{title}
بلكي الإخباري

يشكل الإعلان عن استئناف برنامج خدمة العلم خطوة وطنية ذات أبعاد استراتيجية، إذ يضع الشباب في صدارة المسؤولية الوطنية، ويعيد إلى الواجهة مسيرة طويلة من التجارب المرتبطة بالتجنيد منذ تأسيس القوات المسلحة الاردنية - الجيش العربي- وحتى اليوم.

ويرى مؤرخون وخبراء عسكريون في تصريحات لوكالة الانباء الاردنية (بترا ) اليوم أن عودة خدمة العلم تعكس إدراك الدولة الأردنية لحساسية المرحلة، وتؤكد حرص القيادة الهاشمية على تمكين الشباب وتعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات.

وأكدوا أن عودة خدمة العلم اليوم تختلف عن التجارب السابقة، إذ تأتي في إطار رؤية عصرية تركز على تمكين الشباب وصقل شخصياتهم، وليس فقط الجوانب العسكرية، فالمشروع يتضمن برامج تدريبية وتنموية وتوعوية، تعزز قدرات الشباب وتؤهلهم للمشاركة الفاعلة في حماية الوطن وخدمته.

وأوضح الكاتب والمؤرخ الدكتور بكر خازر المجالي، أن القوات المسلحة الاردنية -الجيش العربي- اعتمدت منذ تأسيسها على التجنيد الطوعي، وخاضت معاركها حتى عام 1948 بقوام لم يتجاوز 6000 مقاتل، ومع بداية ستينيات القرن الماضي، ظهرت الحاجة إلى التجنيد الإجباري عبر تشكيل قوات الحرس الوطني التي انتشرت في القرى الأمامية على خط الهدنة، وبلغت كتائبها 18 قبل دمجها لاحقا.

وأضاف أن حرب حزيران عام 1967 شكلت نقطة تحول مفصلية؛ إذ تم الاعلان عن العمل بالتجنيد الإجباري، في إطار خطة إعادة بناء القوات المسلحة مشيرا الى أن أول قانون لخدمة العلم صدر عام 1976 بديلا عن التجنيد الإجباري العشوائي، فقد نظمت عملية الالتحاق رسميا، وبلغت الدفعة الأولى نحو 40 ألف مجند، وزعوا على وحدات القوات المسلحة، وحددت مدة الخدمة بسنتين.

وأوضح المجالي أن العمل بالقانون استمر لعشر سنوات، قبل صدور قانون جديد عام 1986 ظل مطبقا حتى إيقاف الخدمة عام 1991.

وأشار إلى أنه في عام 2007، عادت الحكومة لطرح مشروع خدمة العلم متضمنا مكافأة شهرية للمكلفين، لكن المشروع لم ينفذ، وفي عام 2019، طرأ تعديل آخر على قانون خدمة العلم، كان في معظمه تعديلا شكليا على المسميات لمواكبة التطورات لمؤسسية مقارنة بعام 1986.

وأكد المجالي أن النقلة الجوهرية جاءت مع إعلان سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، الذي شدد على ضرورة وضع الشباب أمام مسؤولياتهم الوطنية، ليكونوا في خندق الوطن، مزودين بالمعرفة العسكرية والتوعوية، وقادرين على حمل السلاح والاستعداد لمواجهة التحديات والوقوف بثبات في وجه أي تهديد.

اللواء المتقاعد هلال الخوالدة، مساعد رئيس هيئة الأركان المشتركة للتخطيط والتنظيم والموارد الدفاعية سابقا، يرى أن توقيت إعادة خدمة العلم ليس صدفة، بل يعكس وعيا عميقا بالتحولات الإقليمية والدولية.

وقال الخوالدة: "المنطقة تمر بظروف متغيرة وتحديات متصاعدة، خصوصا مع صعود اليمين الإسرائيلي المتطرف، ما يفرض تعزيز الجاهزية الوطنية وضبط الطاقات الشبابية ضمن إطار منظم".

وأضاف أن التعبئة الوطنية أو الدعوة لزيادة أعداد المجندين تعد في المفهوم السياسي مؤشرا على إدراك الدولة لمهددات الأمن الوطني، وبالتالي فإن إعادة خدمة العلم خطوة استباقية تعزز قدرة الأردن على مواجهة أي تطورات.

من جانبه، أكد اللواء المتقاعد عبدالله المومني أن القرار حكيم وجاء في توقيت دقيق، مشيرا الى ان خدمة العلم ضرورة لتحصين جيل الشباب، وإعداده فنيا ومعنويا للدفاع عن الوطن، فهذا الجيل هو الذي سيتحمل مسؤوليات القيادة في المستقبل".

وأشار المومني إلى أن المناهج التعليمية وحدها لا تكفي لبناء جيل واع منتم، فيما تسهم خدمة العلم في ترسيخ المبادئ الوطنية، وتزويد الشباب بالتدريب العملي على السلاح والانخراط في برامج توجيه وطني تعزز القناعة والمعنوية العالية.

وتابع أن استئناف خدمة العلم ابتداء من شباط 2026 يجسد رسالة القيادة الهاشمية للشباب الأردني: أن يكونوا في الخندق الأول للوطن، مسلحين بالمعرفة والانضباط والإرادة، ومؤهلين لمواجهة التحديات المستقبلية بثقة وصلابة