+
أأ
-

د. ذوقان عبيدات. يكتب: الإنسان والدين

{title}
بلكي الإخباري

 

هذا عنوان كتاب جديد للباحث عبدالله الطوالبة . صدر الكتاب هذا العام ٢٠٢٥. يضاف هذا الكتاب إلى عشرات من الكتب، وربما مئات من الكتب التي ناقشت علاقة الدين بالإنسان في جميع لغات العالم. وباعتقادي إن هذا الموضوع ما زال بحاجة إلى دراسات اجتماعية، فكرية، فلسفية، دينية ثقافية! فماذا قال الطوالبة في كتابه؟

         (١)

ناقش الكتاب موضوعات جريئة جبُن كثيرون عن مناقشتها خوفًا

من أسلحة التكفير. يعلن الكتاب من البداية أن طريق الأمم في التقدم  هو العقل وحده، وليس شيئًا آخر. ولذلك اتفقت مع العنوان؛ لأن العقل، والعقل وحده هو منتج الفكر، والعلم، والمعرفة، والفلسفة، ومنتج الحضارة والتقدم.

تناول الكتاب تطور الفكر الإنساني من الخرافة، والسحر إلى الأسطورة حتى ارتقى إلى الدين فالعلم .

وركز الكتاب على تبادل المعرفة بين الشعوب، وتغير مفهوم الرواية والحدث الديني من ثقافة إلى أخرى، وهذا يجعلك تشعر بأن الثقافة الإنسانية واحدة. فقصة الخلق، وآدم وحواء والطوفان، والمخلص المنقذ، وقابيل، وهابيل، والبعث، والحياة الأخرى، والألهة، وشق البحر، والمهدي المنتظر، والجنة والنار، وتقديس الرقم ٧. جميع هذه الأفكار هي ثقافة إنسانية، شائعة، ومنتشرة منذ أن عرف الإنسان الأديان الأرضية  والسماوية ، وكوّن الحضارات.

ما يدهش في هذه الأحداث أن مضمونها واحد، وكأن مصدرها واحد، مع اختلافات ثقافية بسيطة!!

        (٢)

*الكتاب والدين*

ينظر الكتاب إلى الدين نظرة موضوعية، فهو يرى أن الفكر الديني هو تطور طبيعي للفكر الإنساني، وهو الذي أنقذ البشرية من السحر، والتفكير الأسطوري، والإحيائي. وقدم للإنسان إجابات يقينية محددة لكل مشكلاته. فالدين يميز المقدّس عن المدنّس، وهو طريق الإنسان إلى الخلود. غير أن الدين قدم فكرًا

قد يكون مناسبًا لأحداث الماضي، ومن الصعب اعتباره قادرًا على حل مشكلات الحداثة، فالحياة الحديثة، ومنجزاتها كلها علمية، ولم تتمكن أدعية رجال الدين، وتضرعاتهم من حل المشكلات التي نواجهها. فالكتب المقدسة على تنوعها، لم تقدم برامج عملية متكاملة للديموقراطية، والحقوق، والتنوع، ولم تسهم في اختراع الآلات، أو في التقدم التكنولوجي.

    قدم الطوالبة تفسيرات علم النفس للدين من أنه تعبير عن عجز الإنسان على مواجهة القوى الداخلية، والخارجية، فالمجتمع الإنساني استنجد بالديانات للوصول إلى الطمأنينة. وقدم تفسير الفلاسفة للدين بأنه حاجة الإنسان إلى التفكير بالميتافيزيقيا، والبحث عن حلول إيمانية.

    (٣)

*التقدم الإنساني* 

 يؤكد الطوالبة على دور  الدين في المجتمع، ويحترم هذا الدور الذي آمنت به كل الأمم، لكنه يرى أن التفكير الديني هو ليس مَن قادنا إلى التقدم، والرقي الحضاري.

ولذلك قال: بعقولها تتقدم الأمم، وليس بأي شيء آخر!!

  إن تقدير دور الدين لم يمنع الطوالبة كونه باحثا في الإشارة إلى دور الفكر الديني منذ سقراط، وحتى فرج فودة  بأنه كان يتخذ مواقف ضد حرية الفكر؛ ولذلك  نذكر  ما تعرض له جاليلو، وسقراط، وابن رشد، والمعري، وابن عربي من هجمات طالت حياتهم.

   إن مشكلة الفكر الديني تكمن في أنه يريد فرض حلول الماضي على الحاضر، والمستقبل،  وأن الحقائق ثابتة لا تتغير، فالحلول الدينية صالحة لكل زمان وفي كل مكان!! 

يرى الطوالبة أن الدين بوصفه عقيدة يحتكر الحقيقة، بمعنى يرفض الرأي الآخر.

يختم الـطوالبة كتابه  بأن الدين شأن روحاني مقدس، وينبغي فهم الدين في سياقه التاريخي، والحفاظ على قدسيته بفصله عن السياسة، فليبقَ الدين شأنًا مقدسًا لدى معتنقيه!

          (٤)

 *كيف نقرأ كتاب الطوالبة؟*

 برأيي قدم الكتاب تحليلًا تاريخيًا لنشأة الأديان، وتفسيرًا سيكولوجيًا للمخاوف التي قادت لها، كما قدم معلومات علمية دقيقة عن قضايا كنا نعتقد أنها معجزات. فالثقافة الدينية كما يرى الكتاب، هي ثقافة إنسانية 

انتشرت عند كل الشعوب بمضمون متشابه تقريبًا. وكما قلت: من قصة الخلق إلى قصة البعث! العلم ، والعلم وحده هو من صنع الحضارات.

فهمت علي؟!!