+
أأ
-

قوة الدينار الأردني كـ "بنية تحتية سيادية" وإلزامية تأدية التحية لـ "درع الاقتصاد المنيع"

{title}
بلكي الإخباري

الثبات  المذهل للدينار الأردني  ليس مجرد ظاهرة نقدية، بل هو تجسيد لـ "البنية التحتية السيادية" للاقتصاد، ودليل على إدارة "مناعة مالية" استثنائية في محيط إقليمي مضطرب.

فشعور العزة الذي يلمس المسافر الأردني خارجياً هو مؤشر على نجاح محوري في التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد الذي يفرض علينا تأدية التحية لهذه “القوات المسلحة الاقتصادية”

 

القرار المبدئي للبنك المركزي الأردني بربط سعر صرف الدينار بالدولار الأمريكي ليس مجرد خيار سياسي، بل هو رهان استراتيجي يهدف إلى مكافحة "استيراد التضخم" عبر استيراد استقرار أسعار الفائدة والتضخم من الاقتصاد الأمريكي الأكبر، مما حصّن السوق المحلي من التقلبات العنيفة. كما أن هذا الربط يلغي بشكل شبه كامل مخاطر سعر الصرف  أمام المستثمر الأجنبي، مما يجعل الأردن قاعدة جذابة للاستثمارات، ويحوّل الربط التركيز من الدفاع عن سعر الصرف إلى إدارة الدين العام وتوجيه الائتمان، مما يتيح للبنك المركزي ممارسة سياسات نقدية تخدم النمو الفعلي بدلاً من الانشغال بالعملة.

القوة الدفاعية للدينار تستند إلى ثلاثة روافد هيكلية تغذي الاحتياطي الأجنبي، وهي بمثابة خطوط دفاع لا يمكن اختراقها: أولها تحويلات المغتربين التي تشكل تدفقًا ثابتًا وضخمًا من العملات الصعبة لا يتأثر غالباً بالركود المحلي، ويمثل ثقة شعبية بالاقتصاد الوطني وضمانة اجتماعية-اقتصادية. ثانيها المساعدات والمنح الخارجية، وهي تمويل موثوق به من دول الخليج والمؤسسات الدولية، يساهم في تغطية العجز المالي ويعزز ملاءة الدولة واعترافها الدولي. ثالثها النشاط السياحي والخدمات، حيث توفر إيرادات عالية من قطاعي السياحة والعلاج والاستشفاء، تدعم الميزان التجاري والمدفوعات بشكل مباشر، ما يمثل دليلاً على التنوع الاقتصادي والقدرة على توليد العملات الصعبة ذاتياً.

عندما يعود المواطن من الخارج حاملاً فخرًا بقيمة عملته، فإن التحية تُوجَّه تحديدًا إلى رُقباء إدارة المخاطر في البنك المركزي لقدرتهم على إدارة السيولة المحلية والتدخل في سوق الصرف بدقة متناهية. وتُوجَّه التحية أيضًا إلى المحاربين الصامتين من المغتربين، لجعلهم العملة الصعبة "استثمارًا في الوطن"، وهو ما يقلل من حاجة الدولة إلى اللجوء للاقتراض الخارجي بشروط صعبة. 

يستحق قادة المؤسسات الاقتصادية الكبرى التحية لتوفيرهم الاستقرار المؤسسي والقانوني الذي يُقنع المستثمر بأن الأردن ملاذ آمن للأموال.

 قوة الدينار هي جوهر الثقة المتبادلة بين الدولة والمواطن والمؤسسات الدولية. فهي ليست  قوة وهمية بل هي نتيجة انضباط والتزام، ما يجعل هذا الاستقرار النقدي هو أساس "العزة" الحقيقية التي نشعر بها، لأنها تعكس متانة "الدرع الاقتصادي المنيع" الذي يحمي الأردن من رياح الأزمات.