فارس الحباشة : نعم، نحب أمريكا!

ظهران ممداني، المرشح لعمدة نيويورك، يوصف في الإعلام الأمريكي بالمسلم الاشتراكي المعادي لإسرائيل.
وتبدو محاولة لشيطنة ترشيح ممداني، والقول للناخبين إن عاصمة المال «وول ستريت» في أمريكا والرأسمالية العالمية لا يمكن أن يكون عمدتها اشتراكيا. والقول إنه معاد لإسرائيل، من باب تنفير أكبر تجمع لليهود في نيويورك.
والقول إن مسلما هنديا من أصول أوغندية سيكون عمدة لنيويورك، والتي يفترض أنها مدينة ترمز إلى المسيحية الأمريكية البيضاء.
لا ينكر ممداني هذا التعريف عن نفسه، ويرفض إنكاره لمقتضيات العملية الانتخابية، ويتقدم ويكسب نقاطا متقدمة على منافسيه.
ممداني نجم واعد وصاعد. وتأكيده على عداء إسرائيل، يعود إلى الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين في غزة. ويقول لدافعي الضرائب في أمريكا: يجب الدفاع عن سمعة أمريكا وأموال دافعي الضرائب من يهود وغيرهم.
وفي نيويورك خرج يهود مناصرون لترشيح ممداني، ويناصرون غزة وفلسطين.
وأما اشتراكية ممداني، فإنها ليست شوفينية أو طوباوية، ولا تقوم على نزع الملكيات، ولا على عدم الاعتراف بالقطاع الخاص والملكية الخاصة، ولا على مركزية الدولة وتقييد الحرية الاقتصادية.
بل إنه يبشر باشتراكية أمريكية، تقوم على مبادئ ثلاث: تحمل بلدية نيويورك مسؤولية الخدمات الأساسية عن الفقراء (الطب والتعليم والنقل)، وتحميل الأثرياء في المدينة ضرائب لمعالجة الاختلال الطبقي في المجتمع، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومنع التهرب الضريبي، ومكافحة الفساد، ورفع الأجور، وتخفيض إيجارات السكن، ومنع التشرد والجوع عبر تأمين المأوى والعمل والغذاء.
ظهر ممداني يرتدي الكوفية، وزار الجامعات وشارك في اعتصامات التضامن مع غزة. في أمريكا، كان من يقول كلمة مسيئة لإسرائيل يخسر مستقبله السياسي، وأما اليوم، فقول كلمة جيدة بحق إسرائيل يكفي لإنهاء مسيرتك السياسية.
إنها معادلة جديدة في مزاج الرأي العام الأمريكي، وما توابع وتداعيات ما بعد 7 أكتوبر، وحرب الإبادة والتجويع الإسرائيلي في غزة، وتفكك الرواية الإسرائيلية حول مشروعية الحرب وعدالة قضية الاحتلال. فوز ممداني في انتخابات عمدة نيويورك مرجح بقوة. والأهم أنه نقطة بداية لصوت أمريكي واعد وصاعد يؤسس لتيار وعي مناهض للتحالف الأمريكي/الإسرائيلي.
وهو ثمرة لانتفاضة الجامعات الأمريكية ضد الحرب والعدوان على غزة، والمناهض للدعم الأمريكي لإسرائيل.
ومن الجامعات إلى ترشيح ممداني، يبدو أنها ولادة لأجيال مناهضة للكولونيالية الأمريكية، وتقاوم بوعي حالة سلب الوعي والتشويش والتضليل التي يتعرض لها الرأي العام الأمريكي.
نعم، نحن نحب أمريكا، ونحب أمريكا ممداني، وأمريكا أينشتاين، وأمريكا أبراهام لنكولن، وأمريكا أوباما، وأمريكا مارتن لوثر كينغ، وأمريكا محمد علي كلاي، وأمريكا نورمان فينكلشتاين


















