القضية الفلسطينية ومكانتها في السياسة الدولية

الدكتورة اسمهان ماجد الطاهر
لم تكن أحداث السابع من أكتوبر مجرد اندلاع مفاجئ للعنف والهدم والتهجير القسري.
بل كان حدثا مأساويًا، يتكرر منذ عقود طويلة مليئة باليأس وفقدان الأمل والقمع المستمر للشعب الفلسطيني.
لقد وصف رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون غزة، بأنها أكبر سجن مفتوح في العالم - وهو تعبير استخدم لأول مرة- تعبيرا عن الحصار الخانق لأكثر من 17 عامًا.
صراع كبير وقوى غير متناسبه، وفشل ذريع في تأمين حل سياسي طويل الأمد، رغم تحرك القوى الدولية أحيانا لتقديم هدنه مؤقتة، تخلق حالة من الهدوء النسبي.
اخرها كان وقف إطلاق النار الذي حدث موخرًا، بعد خطة سلام تضمنت عشرين نقطة صاغتها واشنطن. والمرحلة الأولى من خطة التهدئة تم الإعلان عنها يوم 9 أكتوبر 2025. وما زالت المصادر تشير إلى أن التفاصيل لا تزال غامضة والتنفيذ غير مضمون.
الهدنة التي بدأت بنودها في الولايات المتحدة الاميركية، واعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كان مكتبه محور المفاوضات، فيها إن "لا شيء سيُعرّض" الهدنة للخطر، تم خرقها قبل أن تبدأ حين أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يوم الثلاثاء بشن "ضربات فورية وقوية" على قطاع غزة، مما أسفر عن مقتل عدد من الفلسطينيين خلال الليل، قبل أن يعلن استئناف وقف إطلاق النار صباح اليوم التالي.
في حقيقة الأمر أن أي حل مستدام للقضية الفلسطينية يحتاج إلى دور دولي جماعيّ، وليس مجرد جهود ثنائية أو محدودة. إنّ القضية الفلسطينية لم تعد شأنًا إقليميًا فحسب، بل أصبحت معيارًا أخلاقيًا وإنسانيًا لمدى صدقية النظام الدولي وقدرته على إنفاذ العدالة.
الأردن يُعتبر من الدول التي أظهرت نشاطًا إنسانيًا ودبلوماسيًا واضحًا تجاه القضية الفلسطينية منذ سنوات عديدة.
لقد كان الأردن دائمًا من أكثر الدول العربية التزامًا بدعم الفلسطينيين إنسانيًا ودبلوماسيًا، سواء عبر المساعدات، المستشفيات الميدانية، أو من خلال دوره في الأمم المتحدة والجامعة العربية.
ودائمًا يؤكد على مركزية القضية الفلسطينية وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
لقد أثبت الأردن، بمواقفه الثابتة، أن الدعم الإنساني والدبلوماسي يمكن أن يكون أقوى من السلاح، وأن الإصرار على السلام العادل هو السبيل الوحيد للأمن الحقيقي. ولعلّ التاريخ سيسجل أن من وقف مع فلسطين في زمن الضعف، إنما وقف مع قيم الإنسانية ذاتها.
وتبقى فلسطين جرح الأمة العربية، وميزان ضمير العالم. فكل هدنة مؤقتة لا تُعيد الحقوق ولا تُنهي الاحتلال، إنما تُرحّل الأزمة إلى جيل آخر. والعدالة الغائبة اليوم ستظل تلاحق صانعي القرار في كل محفل دولي.
a.altaher@meu.edu.jo


















