+
أأ
-

لارا علي العتوم : القوة الناعمة

{title}
بلكي الإخباري

يمر العالم العربي بمرحله تُعاد فيها صياغة مفهوم القوه عبر التكنولوجيا، ما يجعل التحول الرقمي المستقل أحد أهم الفرص الاستراتيجية للدول العربية في السنوات القادمة، فمع تصاعد سباق الذكاء الاصطناعي واعتماد الاقتصادات الحديثة على البيانات، باتت القدرة على إنتاج التكنولوجيا وتوطينها شرطًا للسياده، لا مجرد خيارٍ تنموي، وبفضل الفكر التقدمي لجلالة الملك بتبنيه مبكرًا رؤيةً ربطت التحول الرقمي بالأمن الوطني والنهضة الاقتصادية معًا يبرز الاردن كنموذجٍ عربيٍّ تقدّمي في هذا المجال، فمن خلال الاستثمار في البنية التحتية للاتصالات، وإطلاق برامج ريادة أعمال تقنيه، وتطوير التشريعات الداعمه للاقتصاد الرقمي، وضع الأردن أساسًا قابلًا للتوسع دون الارتهان لمنصّات التكنولوجيا العالمية.

ولعلّ الأهم أن النهج الأردني ركّز على بناء منظومة ثقه بين الدوله والمواطن عبر خدمات حكوميه رقميه تُقلّل البيروقراطيه وتفتح المجال أمام مشاركة الشباب في سوق العمل والابتكار، وهذا النموذج يشير إلى أن العالم العربي يمتلك فرصة حقيقيه للانتقال من مستهلك للتكنولوجيا إلى منتجٍ لها، إذا ما تبنّت دوله مقاربة تجمع بين الإرادة السياسيه، والبيئة التشريعية الحديثه، والاستثمار في الإنسان بوصفه المحرك الحقيقي للتحول الرقمي والسيادة المستقبليه، بحيث يفتح التحول الرقمي المستقل نافذةً أمام العرب لإعادة تعريف موقعهم في الاقتصاد العالمي بعيدًا عن التقلبات الجيوسياسيه التي طالما حدّت من قدرتهم على بناء تنمية مستدامة.

فامتلاك بنية سيبرانيه آمنة، ومنظومات ذكاء اصطناعي محلية، وقطاع تكنولوجي قادر على المنافسه، يعني خلق قوة ناعمة جديدة تعادل في أهميتها الثقل العسكري والسياسي، وهنا يتقدّم الأردن مجددًا بوصفه مختبرًا عربيًا لهذه المقاربة، إذ يعمل الملك عبدالله الثاني على توجيه السياسات نحو تكاملٍ إقليمي رقمي يربط أسواق العمل العربيه بمنظومات تدريب وابتكار مشتركه، ويمنح الدول الصغيره اقتصاديًا قدره أكبر على المناوره بدل الارتهان العملي للتكنولوجيا المستورده.

وبهذا فإن اللحظة الرقمية الراهنة تشكّل فرصة تاريخية للدول العربيه، فإما لاقتناص موقع فاعل في اقتصاد المستقبل، أو البقاء في هامش المعادلة التقنية العالمية.

حمى الله أمتنا

حمى الله الاردن