الدكتور هادي المحاسنة الحمايدة يكتب :- مطرٌ يفضح… وبنيةٌ تحتية لم تعد تحتمل التجميل

تهطلُ الأمطار على المملكة الأردنية الهاشمية كل عام، وتحمل معها بشائر الخير والبركة، لكنها للأسف تحمل أيضًا مرآةً صادقة تكشف عيوبًا طالما تجاهلها البعض أو حاولوا تجميلها. فليس جديدًا أن تتعرض المملكة لمنخفضات جوية، وليست مفاجأة أن الشتاء يأتي محمّلًا بالأمطار؛ الجديد، والموجع في الوقت نفسه، هو أن البنية التحتية ما زالت تُفاجأ بما هو متوقع!
كيف يمكن لطرق مُعلنة مسبقًا أنها ستشهد أمطارًا غزيرة أن تشهد ذات المشاهد كل عام؟ كيف تزال بعض الشوارع تغرق، وبعض الأنفاق تُغلق، وبعض الأحياء تُحاصر؟
الجواب ليس في الطقس، فالمنخفض لا يخطئ موعده… بل في إدارة الملف، وفي جاهزية الجهات المسؤولة: البلديات، وأمانة عمّان، ووزارة الأشغال وغيرها من الجهات الاخرى .
إن مشكلة البنية التحتية ليست في ضعفها فقط، بل في غياب التخطيط العميق، والتنسيق الحقيقي، والمتابعة الشاملة. فالسؤال الأكبر: هل نبحث عن حلول جذرية، أم ما زلنا نتحرك كردّة فعل بعد وقوع الضرر؟
المواطن اليوم لا يريد بيانات تطمين ولا وعودًا موسمية، بل يريد شبكة تصريف مياه حقيقية، شوارع مُهيأة، فرق طوارئ مستعدة، ومساءلة واضحة لكل من قصّر.
المطلوب إعادة النظر—وبجدية—في كل ما يتعلق بالبنية التحتية للمملكة:
إعادة تقييم شبكات التصريف في المدن والقرى والارياف والبوادي .
محاسبة الجهات المقصّرة في أي موقع يتكرر فيه الغرق سنويًا.
رفع جاهزية الطوارئ من خلال خطط واقعية وتنفيذية.
تنسيق كامل بين البلديات والأمانة ووزارة الأشغال، باعتبار أن المواطن لا يهمه اسم الجهة، بقدر ما يهمه أن يرى النتيجة على الأرض.
الأمطار نعمة، وهي كذلك ستبقى. لكن تحويلها إلى نقمة هو مسؤولية بشر لا تتعلم من أخطائها.
وإذا كانت البنية التحتية تُختبر بالمطر، فإن صدق المؤسسات يُختبر بالفعل… والناس ترى وتدرك، وقد ملّت الأعذار.
الوقت ليس للوم، بل للعمل… والعمل فقط.


















