د. ديمة طهبوب تكتب :- عن السياسة والمناصب والكرسي الممتلىء وصمود السيرة وتعالي المسيرة…

منذ ان دخلت عالم السياسة وتعلمت أول مفرداته وهناك اسم يلمع في تاريخ الأردن في النزاهة والشفافية والاستقلالية، يجمع عليه الأردنييون من كافة الاطياف والمشارب والأزمان، لم يحظى سياسي مثله بالتقدير ولم يبلغ غيره منزلة الايقونة والقدوة حتى صار مثلا أن كرسي رئاسة الحكومة بقي شاغرا بعده
ولكم قرأت عن شخصيته وسيرته واستلهمت اقواله ومواقفه في خطابي وأظن أن أي سياسي معني بخدمة الوطن والناس وطيب السيرة وترك بصمة خير يجب أن يستلهم من مدرسة وصفي التل ويتمثل كثيرا من افكاره وتصرفاته كرئيس للسلطة التنفيذيه قاد البلد في فترة صعبه وحرص على ان يعبر الأردن الى بر الأمان، وأثبت أن لا مستحيل ما دام هناك نية صادقة وعزيمة قوية
اليوم لا نزور متحفه بل نحاول أن نستلهم سيرته في الايمان بالأردن ومقدراته، والأردنيين وقدراتهم، وامكانية الاعتماد على الذات وبناء المؤسسات الوطنية واطلاق المشاريع وتعزيز الحريات والحياة الحزبية وتجميع الشعب حول مشروع بناء الدولة وضرورة المضي قدما مهما كانت الصعوبات لان الأردن كما وصفه "ولد في النار لا ولم ولن يحترق"
اليوم لا نزور متحفه بل نستلهم سيرته في نموذج السياسي الوطني النظيف الذي أورث الاردنيين نموذجا في معنى الضمير الحي ونظافة اليد وتقدم المشروع الوطني
اليوم لا نزور متحفه بل نستلهم سيرته التي بدأت في ميدان الجندية وحُق لكل من يبدأ هناك أن يحمل الوطن الى المعالي وقد جمع الى هويته الأردنية الاصيلة تأثره بالحركة القومية فشارك ككل شباب الأردن وقتها في جمعيات لدعم النضال العربي ضد الكيان الصهيوني والتحق بالجيش وتخرج من الكلية العسكرية في قرية صرفند،والتحق ايضا بجيش الانقاذ الفلسطيني وشارك في العمليات العسكرية في فلسطين وتسلم قيادة كتيبة اليرموك الرابعة، وكأنه يقول لنا ايضا هذا هو الطريق الى فلسطين الحرة
بعد هزيمة حزيران عام 1967، سأله أحد الصحفيين عن الحل الذي يمكن أن يحفظ للأمة العربية ماء وجهها وكرامتها. فكان جوابه : ” لا حل ولا كرامة إلاّ بالقتال “.
اليوم لا نزور متحفه بل نستلهم سيرته في ضرورة المحاسبة والتقييم ليستقيم الجميع على السكة لان الخطأ والتقصير في حق الوطن كالخيانه وهم وجهان لعملة واحدة، نستلهم سيرته وهو يطلق أول مشروع للنزاهة ومكافحة الفساد قبل أن تصبح هيئه فيقول" لا مكان للفساد ولا مكان للرشوه ولا مكان لتلون وجوه، الميدان فقط للصابرين الصادقين ذوي الرأي الجريء الصريح"
اليوم لا نزور متحفه بل نستلهم سيرته في النجاح في التعامل مع مختلف الاطياف السياسية والمدارس الفكرية وضمها في مشروع بناء الدولة الأردنية لتحمل كتفا وتشارك في المهمة المقدسة والمسؤولية
اليوم لا نزور متحفه بل نستلهم سيرته في ضرورة الحفاظ على الأردن والمراهنة عليه لأن الأردن القوي ليس قويا في نفسه فقط بل هو قوة ونصرة لكل اخوانه واعلاء للعروبة والاسلام
اليوم نستلهم سيرة وصفي وهو يرسخ أن السياسي القوي الأمين هو الأبقى أثرا وقبولا وأنه قد يغادر الكرسي جسدا ولا يغادره أثرا ولا بصمة في ذاكرة الوطن والناس وأن الطارئين المنتفعين المتكسبين بالوطن ملفوظون من كتاب الخلود الوطني
يقول الشاعر الفرنسي إلفرد دو موسّيه: " ليس للرجل سوى مجدٍ واحد حقيقي، هو التواضع"
هذا القرب من الناس والعيش مثلهم والسعي لهم وتعظيم بلدهم وصورتهم ووجودهم وتأثيرهم وعدم الاستئثار او الإغناء من المنصب هو إرث وصفي وهو الذي أبقاه ويبقيه متربعا على عرش القلوب ورقما صعبا في ذاكرة الأيام
سلام على وصفي وكل من استلهم سيرته في خدمة الأردن فآمن أن الأردن قادر ويستحق الأفضل وسيبقى شعارك منهجا "القمح قمحي والبلاد بلادي" وسيبقى الأردن بلدا مباركا ولّادا بالرجال والخيرات


















