نور ابو غوش تكتب :- حين يكون الوطن مشروع حياة

يُقالُ أنّ البيت يدلُّ على صاحبه، وفي بيت الشهـ.ـيد وصفي التل رحمه الله كثيرٌ مما يدلُّ على رجلٍ تربينا على اسمه ومآثره، رجلٍ ما بدَّل ولا تبدَّل ولا خان الوطن ولا باعه، فقد كان وصفي التل السياسي الفلاح الذي تجسدت فيه بساطة الريف وأصالة البادية وثقافة المدينة في آنٍ معًا.
في حضرة وصفي، لا نقرأ سيرة رجلٍ عادي، بل نمرُّ على ملامح فكرة كانت تمشي على الأرض، تتمثل بها معاني الوطنية والانتماء، في هذا البيت جميل الذكريات والإطلالات والتفاصيل، ملامح رئيس وزراء بحث داخل بيته على كل سبل الاكتفاء الذاتي، رجلٌ لم يربط كرامة الوطن بمعونة، ولا قبل أن يُساوم على حبة تراب، فكان حين يُهدَّد بتجويع الأردنيين، تتحول غيره على الوطن إلى عمل وبذل، فيردّ بزراعة القمح والاكتفاء، حيث جعل الفلاحين يمتشقون معاولهم، ويبذرون الحَبّ في كل شبرٍ من الأرض الصالحة للزراعة حتى اخضرّت سهولٌ كانت مواتًا.
ويا أحوجنا لإرادة تشبه ما فعل.
وصفي لم يكن سياسيًا فقط، بل مشروعًا وطنيًا زرع في الأردنيين معنى أن تكون الوطنية، صدقاً في الانتماء، وإخلاصاً في البذل، ويداً نظيفة في الكسب، وقد ورث الأردنيون عن وصفي التل حكاياتٍ لا حصر لها في عفة النفس وطهارة اليد حين تولى أرفع المناصب، حتى لم يكن غريباً أن يُجمع أبناء الأردن على حب هذا الرجل والإشادة بمناقبه. فقد استدعت الذاكرة الوطنية وصفي التل رمزًا جمع بين حب الوطن والأرض والمواطن في كل موقعٍ شغله؛ قدّم نموذجًا فذًا في الرجولة وصدق الانتماء .
اخترنا زيارة المتحف في أفياء ذكرى الاستقلال، لنستحضر مَن حملوا الوطن أمانةً على أعناقهم، فحمّلونا إياها في كل موضع ومرحلة.
رحم الله وصفي، وجعل ذكراه حيّة في قلوب كل من أحب هذا الوطن الذي قال فيه وصفي: "إن الأردن وُلِدَ في النار… لم ولن يحترق.”


















