+
أأ
-

د.فوزان العبادي يكتب :- نريد عفوًا عامًا ولكن

{title}
بلكي الإخباري

 

بقلم أمين عام حزب النهج الجديد

د.فوزان العبادي

في خضم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمرّ بها المواطن الأردني، يعود ملف العفو العام ليطرح نفسه بقوة على طاولة النقاش الوطني، بين رغبة شعبية واسعة، وضرورات قانونية وأمنية يجب مراعاتها.

ونحن في حزب النهج الجديد نرى أن اللحظة الراهنة تتطلب مقاربة مختلفة، واقعية، ومسؤولة، توازن بين حاجات المجتمع ومتطلبات الدولة.

أولاً: قضايا تمت فيها مصالحات… فلماذا يبقى المحكوم وراء القضبان؟

من غير المنطقي ولا العادل أن يبقى عدد كبير من الموقوفين والمحكومين في قضايا مالية أو اجتماعية قد تمت تسويتها بالكامل بين أطرافها.

هذه القضايا، وقد انتهت مصالحاتها، لم يعد وجود أصحابها داخل مراكز الإصلاح يحقق غاية الردع ولا يضيف قيمة للعدالة، بل يضيف عبئاً على الدولة والمجتمع والأسَر التي تنتظر عودتهم.

إن العفو العام هنا ليس منّة، بل تصويب لمسار واعتراف بأن العقوبة فقدت مبررها بعد اكتمال المصالحة.

ثانياً: مخالفات السير والغرامات… تخفيفٌ على الناس، ورسالة ثقة

في ظل الغلاء وارتفاع الكلف، أصبحت مخالفات السير والغرامات المالية الحكومية – جمارك، مسقفات، ضريبة – تشكل عبئاً حقيقياً على المواطن.

إن العفو أو التخفيض الجدي لهذه المستحقات ليس فقط خطوة إنسانية، بل وسيلة عملية لدعم الناس الذين يرزحون تحت الضغوط الاقتصادية.

حيث ما يطلبه المواطنين ليس إسقاطاً مطلقاً للالتزامات، بل تنفيسٌ عن كاهلهم، ورسالة تقول إن الدولة تقف إلى جانبهم في لحظة صعبة.

ثالثاً: العفو العام… بديل مؤقت وواقعي عن زيادة الرواتب

حيث ندرك جيداً أن الحكومة تتجنب رفع الرواتب أو تحسين الدخول، رغم أن التضخم وتآكل القدرة الشرائية تجاوز كل التوقعات.

وفي غياب إرادة سياسية واضحة لحماية الدخل، يصبح العفو العام  بما يحمله من تخفيف للغرامات، ورفع للأعباء، وإعادة لآلاف المواطنين إلى العمل والإنتاج – بديلاً مؤقتاً لكنه مُرضٍ إلى حدّ ما.

لا أحد يدّعي أن العفو سيحل المشكلة، لكنه خطوة تخفف الضغط، وتنعش الاقتصاد جزئياً، وتعيد بعض القوة الشرائية للمجتمع.

نحن في حزب النهج الجديد نؤيد إصدار عفو عام مدروس يقوم على المبادئ التالية:

1. إطلاق سراح كل من تمت في قضاياهم مصالحات أو إسقاط حقوق شخصية.

 

2. تخفيف أو إلغاء الغرامات والمخالفات الحكومية التي أصبحت عبئاً مالياً يفوق قدرة المواطن، دون المساس بحقوق الدولة الجوهرية.

 

3. استثناء الجرائم الخطيرة والمتكررة حفاظاً على الأمن والمجتمع.

 

4. ربط العفو بخطة إصلاح شاملة تعالج أسباب تكرار المخالفات، وتحدّ من الفوضى التشريعية والجباية المفرطة.

 

5. عدم استخدام العفو كبديل للإصلاح السياسي أو الإداري، بل كبداية لإعادة بناء العلاقة بين المواطن والدولة.

 

نريد عفوًا عامًا… ولكن

نريده عادلاً، مفهوماً، موجهاً للفئات التي تستحق، ومراعياً للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

نريده خطوة تخفف الاحتقان، وتعيد الثقة، وتضع الدولة في موقع الشريك الحقيقي للمواطن لا الجابي المستمر.

ونريده بداية لحوار وطني يعالج جذور الأزمة، لا إجراءً مؤقتًا يُسكّن الألم ولا يعالج المرض.