د. طلال طلب الشرفات : القضاء الحزبي في حزب المحافظين

حرص حزب المحافظين في نظامه الأساسي على تعزيز استقلالية المحكمة الحزبيّة المركزيّة؛ تكريساً لمفهوم سيادة القانون، والفصل المرن بين سلطات الحزب، وتحصين المحكمة الحزبيّة من تأثير المكتب السياسي "السلطة التنفيذية" والمجلس الوطني "برلمان الحزب المنتخب" بل وسّع النظام الأساسي من صلاحياتها واختصاصاتها لتشمل إلغاء قرارات المكتب السياسي في بعض المسائل الحاسمة في عمل الحزب.
القضاء الحزبي هو الضمانة الرئيسة لاستقرار العمل الحزبي، وقد أدرك حزب المحافظين تلك الحقيقة في مرحلة مبكرة، وحصرت تعيين أعضاء المحكمة الحزبيّة من قبل المؤتمر العام مباشرة دون تدخل المكتب السياسي، والمجلس الوطني، وحصّنت أعضاء المحكمة من الإقالة، ودون أن يكون عليهم سلطان سوى ضميرهم والنظام الأساسي وأحكام القانون، وجعلت قرارات المحكمة مُلزمة لكافة الهيئات الحزبيّة.
تجربة الأحزاب في الانتخابات النيابيّة السابقة دفعت المؤسسين في مؤتمرهم التأسيسي يقررون صلاحية المحكمة الحزبيّة بإلغاء قرارات المكتب السياسي بتسمية المُرشحين لكافة أوجه الانتخابات العامة إذا كانت مخالفة لقواعد العدالة والشفافيّة والنزاهة والمساواة والحوكمة. أو كانت تلك القرارات مبنيّة على الفرديّة والشلليّة أو استخدام المال الأسود أو السياسي بناء على طعن الفريق المُتضرر.
وقد منع النظام الأساسي الهيئات الحزبيّة من فصل أي عضو من الحزب دون قرار من المحكمة الحزبيّة بعد إجراء محاكمة عادلة تكفل استخدام القواعد الأساسيّة لحقوق الدفاع في النفي والإثبات وصدور حكم يماثل الأحكام القضائية في محاكم الدولة، ومراعاة الإجراءات المرعيّة الأساسية في المحاكمة والحكم، وتطبيق قواعد الردّ وعدم الصلاحيّة للقضاة عن توافرها في النزاع المعروض.
حزب المًحافظين نجح إلى حدٍ بعيد في فرض الرقابة القضائية على قرارات الهيئات الحزبيّة، وأضاف لها اختصاصاً آخر في تفسير أحكام النظام عند طلب ذلك من هيئات الحزب، وصلاحيتها في فحص الإجراءات، ومدى ملائمتها للنظام الأساسي، وضرورة موافقة المحكمة الحزبيّة على أي تعديل للنظام الأساسي قبل عرضه على المجلس الوطني.
حزب المحافظين الأردني أراد أن يُقدّم مقاربة وطنيّة أخلاقية للعمل الحزبي تعزز ثقة الجمهور في حسن نوايا القيادات الحزبيّة في تطبيق قواعد التحديث السياسي التي ارادها جلالة الملك، وتمثّل قدوة حسنة للقوى السياسيّة الأخرى بضرورة احترام شفافيّة العمل الوطني، وتفهّم قلق الجمهور من مظاهر الانفراد بالسلطة التي تقوّض الجهود الوطنيّة في تطبيق قواعد الإصلاح، وخطط التحديث الشاملة


















