صخور البازلت في الصحراء الأردنية: ثروة اقتصادية هامة

المحامي حسام العجوري
صخور البازلت المتواجدة في الصحراء الأردنية الشرقية، في مناطق مثل الأزرق والصفاوي والحرة، تمثل ثروة طبيعية كبيرة يمكن تحويلها إلى رافعة اقتصادية وتنموية للأردن. هذه الصخور البركانية ليست مجرد تكوين جيولوجي، بل هي مورد متجدد يمكن استثماره في عدة مجالات زراعية وصناعية وبنائية، بما يحقق قيمة مضافة ويحسن الاقتصاد الوطني.
يمكن طحن البازلت واستخدامه كمسحوق غني بالمغنيسيوم والحديد والكالسيوم والسيليكا، ما يحسن خصوبة الأراضي الصحراوية ويزيد إنتاج المحاصيل مثل الزيتون والقمح، ويعزز صحة التربة والميكروبات المفيدة فيها. كما يمكن استخدامه في إنتاج حجر الرصف، بلاط، طوب، ومواد بناء مقاومة للتآكل والحرارة، وإنتاج بودرة للطرق وخلطات أسفلت متينة، ما يرفع من كفاءة مشاريع البنية التحتية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تصنيع منتجات صناعية عالية القيمة مثل ألياف البازلت القوية، التي تستخدم كبديل للصلب أو الألياف الزجاجية في الخرسانة المسلحة، ومكونات صناعية، ومواد مقاومة للحرارة. كما يمكن إنتاج صوف البازلت للعزل الصوتي والحراري، أو تحويله إلى مواد جيوبوليمرية صديقة للبيئة. بعض صخور البازلت تحتوي على معادن ثانوية مثل الزيواليت، الذي يمكن استخدامه في تنقية المياه والهواء وتحسين التربة والأسمدة الزراعية، ما يفتح أسواقًا إضافية على المستوى العالمي.
السوق العالمي للبازلت ومشتقاته يقدر بنحو 1.87 مليار دولار في 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى حوالي 4.06 مليار دولار بحلول 2035 بمعدل نمو سنوي مركب يقارب 7.3٪. أما سوق ألياف البازلت فيبلغ حوالي 398 مليون دولار ويُتوقع أن يصل إلى نحو 750 مليون دولار بحلول 2033. حجم الاستهلاك العالمي للألياف يقدر بحوالي 61.65 ألف طن في 2025 ومن المتوقع أن يرتفع إلى 105.8 ألف طن بحلول 2030. هذه الأرقام تعكس وجود طلب عالمي متزايد على منتجات البازلت في مجالات البناء، البنية التحتية، الصناعة، والعزل الحراري والصوتي.
دول عديدة اليوم لديها طلب كبير على منتجات البازلت. في آسيا، الصين والهند تشهدان نموًا متسارعًا في البنية التحتية والطرق والمباني، ما يجعلهما من أبرز المستوردين والمستهلكين لألياف وحصى البازلت. في أوروبا، دول مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا تعتمد بشكل متزايد على مواد بناء مستدامة ومقاومة للظروف البيئية. في أميركا الشمالية، خصوصًا الولايات المتحدة، يرتفع الطلب على ألياف البازلت للبناء والصناعة. أما في الشرق الأوسط، دول مثل الإمارات والسعودية تبدي اهتمامًا متزايدًا باستخدام البازلت في مشاريع البناء، العزل، والأنابيب والبنية التحتية.
من جهة الاستثمار، هناك دول تمتلك مصانع لإنتاج ألياف البازلت أو مواد بناء بازلتية، مثل الصين وروسيا ودول أوروبية، ما يظهر جدوى المشروع واستمرارية السوق على المستوى العالمي. وجود هذا الطلب الواسع يجعل البازلت الأردني موردًا مرغوبًا، سواء كمصدر خام أو كمنتج صناعي جاهز للتصدير.
من الناحية الاقتصادية، مشاريع طحن وبيع غبار البازلت يمكن أن تحقق هامش ربح جيد، خاصة إذا استُهلك المنتج محليًا أو صدر. مصنع ألياف بازلت يمكن أن يحقق مبيعات بملايين الدولارات سنويًا، خصوصًا إذا استهدف الأسواق الإقليمية والدولية. مع نمو السوق العالمي خلال العقد المقبل، الاستثمار المبكر في هذا القطاع يمنح فرصة لتحقيق أرباح كبيرة مستقبلاً. موارد البازلت متوفرة بكثرة في الأردن، والموقع الجغرافي يسمح بتصدير المنتجات إلى دول مجاورة وأسواق البناء النشطة، مع إمكانية الجمع بين التنمية الصناعية والزراعية والبيئية.
باختصار، بازلت الصحراء الأردنية ليس مجرد صخرة؛ إنه مورد طبيعي متجدد يمكن تحويله إلى ثروة حقيقية تعزز الاقتصاد، توفر فرص عمل، وتضع الأردن في موقع تنافسي في سوق البناء والصناعة البيئية المستدامة، مع وجود سوق عالمي واسع يطلب منتجات البازلت من آسيا إلى أوروبا وأميركا والشرق الأوسط. الاستثمار الآن في مشروع وطني ضخم، سواء كان مصنع ألياف بازلت أو إنتاج مواد بناء بازلتية، يمثل فرصة استراتيجية لتعظيم القيمة الاقتصادية للثروة الوطنية وتأمين عائد طويل الأمد.
















