+
أأ
-

د.شريفة اللصاصمة تكتب :- سطحية المشهد وانتظار المجهول

{title}
بلكي الإخباري

.…

في كثير من الأحيان نجد أنفسنا كمراقبين للمشهد من حولنا سواء في السياسة ، الثقافة  أو حتى في حياتنا اليومية  أمام واقع يسير بسطحية مقيتة.... هذه السطحية ليست مجرد تفكير سطحي أو حوار  عابر... هي انعكاس لعالم يستهلك الانطباعات والظواهر دون البحث عن الجوهر أو المعنى.. والمفارقة المؤلمة أن من يقف أمام هذا المشهد يدرك أن الكلام والتحذير لا يغيران شيئًا.. وأن أي محاولة لإيقاظ الآخرين قد تصطدم بجدار من اللامبالاة ..

الإنسان هنا يعيش تجربة مزدوجة هو واعٍ بما حوله لكنه معرض أيضًا للانغماس اللاشعوري في منظومة المصالح والمكاسب السطحية التي يتبعها الآخرون.. هذا الانسياق ليس خيانة للقيم أو تنازلًا عن المبادئ إنما رد فعل طبيعي لمواجهة الضغط الاجتماعي المستمر.... أحيانًا يجد نفسه في دائرة من المراقبة الصامتة حيث لا يملك سوى الانتظار.... انتظار المجهول الذي لا يخبر بشيء.. انتظار نتائج لا يمكن توقعها...أو تغيّر لا يبدو وشيكًا.... وفي هذا الصمت يولد نوع من التسليم الواعي .... التسليم بالمشهد كما هو مع الاحتفاظ بحرية المراقبة والتحليل الداخلي.…

السطحية حولنا رغم فراغها الظاهر تمنح شعورًا بالانتماء... بالأمان.. وسهولة الحياة اليومية..وهي مكاسب نفسية واجتماعية حقيقية... وهنا تتقاطع قوة الواقع وضعف الإنسان.... القوة في إدراك السطحية وما تحمله من فراغ والضعف في الحاجة الإنسانية الطبيعية للراحة والانتماء.…

في مواجهة هذا الواقع يختار البعض المقاومة والكلام الذي قد لا يغير شيئًا... بينما يختار آخرون المراقبة والانتظار الواعي مستفيدين من إدراكهم لما هو عابر.. متجنبين الانغماس الكامل في سطحية الآخرين.. 

في النهاية هذه الظاهرة ليست مجرد إحباط أو شكوى...  هي دعوة للتصالح مع اللا يقين والسطحية.. دون أن نفقد القدرة على رؤية الجوهر وتحويل المراقبة إلى قوة داخلية وخلق معنى شخصي وسط عبثية الواقع....…