اسعد بني عطا يكتب :- كلف مواجهة الولايات المتحدة للإسلام السياسي

-اثار توقيع ( الرئيس الامريكي / دونالد ترامب ) أمرًا تنفيذيًا يوجّه وزارتي الخارجية والخزانة لمباشرة تقييم رسمي لعدد من فروع جماعة الإخوان المسلمين حول العالم بتاريخ (٢٠٢٥/١١/٢٤) وإمكانية تصنيفها كمنظمات إرهابية أجنبية جدلا دوليا واسعا ، فيما وُصِفَ القرار في الولايات المتحدة بانه احد أهم القرارات المتعلقة بالأمن القومي الامريكي ، وخطوة تدشن لمرحلة ما بعد ضرب مركز التجارة العالمي ( ٩/١١ ) التي كانت تفرق بين التيار الاسلامي التكفيري العنيف والتيار الاسلامي المعتدل ، وإعادة تعريف مكافحة الإرهاب بشكل يستهدف البنية " الأيديولوجية " للإخوان ، والتي شكلت جذور التطرف على مدار عقود كما يرى الكثير من المتخصصين ، وقد سرّبت الصحافة الغربية خصوصا الأمريكية والاسرائيلية سيلا من المعلومات ، تصب في مجملها بخانة تبرير القرار وتأييده ، وأنه جاء للأسباب التالية :
. إعادة تقديم كل من النائبين ( ماريو دياز بالارت / جمهوري من فلوريدا ) و( جاريد موسكوفيتز / ديمقراطي من فلوريدا ) قانون تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية خلال شهر ( ٢٠٢٥/٧ ) في تحالف قيل بانه نادر في الاونة الأخيرة بين الحزبين المتصارعَين على السلطة ، وسط تحشيد سياسي كبير من ( ايباك ) والكنائس الإنجيلية .
. استنادا لحزمة ضخمة من التقارير والوثائق التي جرى تزويد واشنطن بها من دول عربية ، واخرى أوروبية كان من بينها فرنسا وإيطاليا ، وتشير بأن عقيدة الجماعة احتضنت " الجهادية السنية الحديثة " ، ونتج عنها ظهور حماس وخط المقاومة الذي يؤمن بالعنف ،وتنظيم القاعدة وفروع مسلحة نشطة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
. تضمنت التقارير قوائم مفصلة حول شبكات وأسماء وواجهات يُعتقد أنها ذات صلة مباشرة أو غير مباشرة بالإخوان ، وشكّل القرار " الضربة الأيديولوجية الأشد ضد التطرف السني " ، وانضمت الولايات المتحدة بذلك إلى مصر والسعودية والإمارات والبحرين والأردن وروسيا وسوريا ، وهي دول صنفت الإخوان المسلمين جماعة إرهابية بعد عقود من المواجهة ، والمح ( وزير الخارجية الأمريكي / ماركو روبيو ) خلال شهر ( ٢٠٢٥/٨ ) أنه يجري إعداد التصنيف ، ووضعه بإطار حملة الإدارة الأوسع لتفكيك الشبكات العالمية المرتبطة باستراتيجية حماس وإيران بالوكالة .
. بدوره عبّر ( نتنياهو ) عن شكره لقرار حظر الجماعة وتصنيفها منظمة إرهابية ، مشيرا بإنها تُهدد الاستقرار في الشرق الأوسط ، وأن حكومته حظرت جزءا من الجماعة ، وستعمل على استكمال هذه الخطوة قريبا في إشارة لحظر الفرع الشمالي من الحركة الإسلامية لفلسطينيي الداخل عام ( ٢٠١٥ ) .
-دراسة إمكانية تصنيف فروع الجماعة ضمن قوائم المنظمات الإرهابية الأجنبية ( FTO ) أو الإرهابيين العالميين المحددين بشكل خاص ( SDGT ) وفقًا للقوانين الأميركية ذات الصلة ، بموجب المادة ( ٢١٩ ) من قانون الهجرة والجنسية سيترتب عليه بحسب المراقبين في الولايات المتحدة ما يلي :
. تجميد أصول جميع الكيانات المرتبطة بالجماعة .
. الملاحقة الجنائية لتقديم الدعم المادي .
. حظر سفر الأعضاء .
. مصادرة الشبكات المالية والجمعيات الخيرية التابعة للإخوان .
. عقوبات على الدول المضيفة التي ترفض الامتثال .
. ادراج الأحزاب السياسية والجمعيات المرتبطة والخاضعة للتقييم الأميركي على قوائم الإرهاب ، وقد تواجه تدقيقًا مكثفًا وضغوطًا قانونية ومالية غير مسبوقة تؤدي لانهيارها ، وفي مقدمتها مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية ( كير ) ، لتمتد إلى أوروبا وصولا إلى الشرق الأوسط ، استنادا لقناعة داخل الإدارة الأميركية تفيد بأن هذه الكيانات ضالعة بتقديم دعم مالي طويل الأمد للجناح العسكري لحركة حماس ، وهو ما يشكّل من وجهة النظر الأميركية تهديدًا مباشرًا لمصالحها الأمنية في المنطقة .
-بدأت وزارة الخارجية الامريكية بعقد اجتماعات مكثفة تضم خبراء قانونيين ودبلوماسيين بإشراف مكتبها القانوني لاستصدار بشكل مشترك بين وزارتي الخارجية والخزانة بهدف الوصول إلى :
. قرار دولي شامل يصنف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية عالمية .
. فتح تحقيقات رسمية مع دول ومؤسسات يُشتبه بأنها تعمل ضمن نطاق تأثير التنظيم .
. إجراء عمليات تدقيق مالي معمق في حسابات رجال أعمال وكيانات يثار حولها شبهة ارتباط بالتنظيم الدولي .
. شن حملة إعلامية منظمة ومكثفة أطلقت منذ أسابيع لضمان التأثير على دوائر صنع القرار في اللحظة الحاسمة .
-من جانبها تصنف الجماعة نفسها بأنها حركة اجتماعية سياسية اصبحت أكبر حركة إسلامية في العالم ، يقوم فكرها على إصلاح الفرد فالأسرة فالمجتمع فالدولة ، وترفض العنف باستثناء ما هو موجه للاحتلال / الاستعمار ، وترى أن محاولات تصنيفها جماعة إرهابية في بريطانيا والولايات المتحدة فشلت لعدم وجود أدلة تربط الإخوان بالإرهاب ، كما ان لها : ملايين من الأتباع ، فروع تمتد عبر القارات ، شبكة واسعة من الجمعيات الخيرية، الأحزاب السياسية ، المؤسسات الإعلامية والمجموعات الواجهة ، وتُحذّر جماعات الحقوق المدنية ، وبعض الحكومات الأوروبية ، وبعض المسؤولين الأمريكيين السابقين من أن التصنيف وحملات القمع الاستبدادية ، قد يؤدي الى طمس الخطوط الفاصلة بين الإسلام السياسي والتطرف العنف ، ما قد يدفع الإسلاميين المعتدلين إلى العمل السري وقد يُوتر العلاقات مع تركيا وقطر .
-في الاردن ، ومنذ حظر جميع انشطة الإخوان المسلمين يوم ( ٢٠٢٥/٤/٢٣) ، يدور الحديث حول قيام الدولة بدراسة خياراتها بدقّة وعمق في ضوء التحقيقات الرسمية التي استمرّت لأشهر حول تجاوزات الجماعة المحظورة التي كان عملها متداخلاً مع نشاطات ( حزب جبهة العمل الاسلامي ) وضبط وثائق وبيانات تدين ارتكاب مخالفات جسيمة لقانوني الانتخاب والاحزاب ، ما يعرض الجبهة لمساءلة قانونية قد تفضي إلى حّله .
-مع تسليمنا بعدم صحة او دقة المعلومات الواردة آنفة الذكر والتي تبنتها الصحافة الغربية والعبرية ،إلّا ان القرار يُعتبر تحولا مهما في السياسة الأمريكية التي كانت تعمد تاريخيا الى احتواء التيارات السنية والشيعية معا وتوظيفها للاقتتال فيما بينهما او لخوض حروب بالوكالة لتحقيق او حماية مصالحها في المنطقة العربية والإسلامية ، وتصدي واشنطن لها اليوم يزيد من فرص تطوير وتعزيز العمل السري المشترك فيما بينهما في المديين المتوسط والبعيد ، ما يزيد من تعقيد المشهد ،ومن فرص تضخم فاتورة المواجهة الأمريكية الجديدة وزيادة الدين العام بما يفوق قدرة واشنطن على الاحتمال ، ولنا في دخول الجيش الامريكي الى افغانستان والعراق دروس مهمة ، حيث تحول الوفر المالي في أميركا الى دين عام تجاوز ( ١٤ ) تريليون دولار خلال اقل من عقدين جراء هاتين الحربين فقط ،ناهيك عن إمكانية تحول المصالح الأمريكية في المنطقة الى اهداف أمنية وعسكرية منتخبة ، تحت شعارات جهادية مختلفة .


















