د. خلف الطاهات يكتب ..اين يحتفل الملك بعيد ميلاده كل سنه ؟

دعوني احدثكم اليوم عن جلالة القائد وسيكون حديثي عفويا وبلاتكلف عن "سيدنا" ... هذه الكلمة التي تفرد بها الاردنيون عندمايتطرقون لذكر جلالة الملك باتت عنوانا عريضا للبساطة في العلاقة بينالطرفين ومثلت ركيزة من ركائز العقد الاجتماعي مع الهاشميين.
شكل الاحتفالات في اعياد الميلاد معروفة وتقليدية ... لكن دعونياطلعكم على اسلوب فريد تميز به ( سيدنا) عن الكثيرين في الاحتفالبيوم مولده الميمون.
فمنذ ان وجّه جلالة الملك حكومة الدكتور معروف البخيت في عام2007 بإلغاء عطلة عيد ميلاده وذلك تجسيدا لمفاهيم تعزيز الانتاجيةوترسيخا لثقافة الإخلاص في العمل وحرصا على تواصل عطاءالأردنيين والأردنيات، فان جلالته لا ينفك في كل عام يتزامن يوم ميلادهعلى الالتحام والاقتراب وبقوة وبدون مقدمات من ابناء شعبه بكلالسبل والطرق عبر جولات وزيارات ولقاءات ومتابعات ميدانية فياقاصي الوطن واطرافه شماله وجنوبه، متجاوزا البروتوكلات الرسميةالتي نقرأ عنها ونتابعها اعلاميا في حياة الملوك وقادة الشعوب!!
فقبل عام قرّر جلالته ان يقضي عيد ميلاده ال 58 في جولة مكثفةوشاملة في جنوب الأردن الأغر، هناك زار جلالته مدناً وقرى وتجمعاتبعضاً منا لا يعرف اين تقع على خارطة الوطن!! في قريقرة وفينانورحمة وقطر ووادي عربة، هناك، حيث وجع الأردنيين ومنبع فخرهمكان جلالته في عيد ميلاده يشاركهم همومهم ويمسح أوجاعهم ويزرعمعهم وفيهم الأمل عبر لقاءات ممتدة مع وجهاء وممثلي المجتمع المحليفي العقبة ومعان والشوبك يتلمس واقع الزراعة وتنمية السياحه.
وإذا كان جنوب الوطن رئة القائد فالشمال قلبه النابض، فقد كانشمال الوطن، وتحديدا الرمثا الحدودية مع الشقيقة سوريا على موعدمع الملك في عيده ال 57 ، هناك جال وزار وتفقد واستمع جلالتهللصغير قبل الكبير، هناك قضى جلالته يوم عيد ميلاده مع أبناء شعبهعلى حدود الوطن الشمالية، وعلى مسافة أمتار، حيث الجبهة مشتعلةبالطرف السوري اقتتالاً بين جماعات مسلحة تسمع صدى تفجيراتهافي كل قرى الحد الشمالي الأردني!!
ولأن الجيش سيرة وطن وتاريخ دولة، وحب هاشمي يتجاوز الزمانوالمكان، فلا غرابة وعبدالله وارث الثورة والعسكري المقدام، ان يقضيأياماً بين رفقاء السلاح بما فيها يوم ميلاده، هناك في ميادين الفخروالمجد والبطولة والرجولة!! نعم هناك بين العسكر يهرول معهم فيطابورهم الصباحي، ينشد بفخر أهازيج الجيش الخاصة التي ترفعالمعنويات والروح القتالية ..هناك في ميادين الجيش ومع تشكيلاتالقوات المسلحة تتعالى حناجر الجند، ويتقدمهم القائدعبدالله"سرررريع الخطوة، 1،2،3، يسار يمين، تربية تربية ، عين 1 ،2 اقوى، هالله هالله..مالنا مولى سوا الله...".
هناك بتوفيق المولى وعناية الرحمن الصمدانية، ومع غبرة الميادينوباللباس العسكري والفوتيك والقايش وبلقمة هنية لقلاية البندورة علىالحطب، يقضي جلالته اجمل لحظات عيد ميلاده ..لحظات المعنويات، لحظات نستذكر فيها سيرة عطرة من التضحيات لقواتنا الباسلة فيان تبقى على الدوام درع الوطن المنيع الهايب المهيوب، تقف هذهالقوات المسلحة برعاية الهاشمين صخرةً منيعةً تتكسر عليها كلالمؤامرات والصفقات التي تستهدف النيل من كرامة الأردنوالأردنيين!! فلا غرابة ان يقضي جلالته عيد ميلاده ال 56 في منطقةالمقابلين، ومع الجند و بين العسكر، مفتتحاً متحف الدبابات الملكيالذي يضم اليات مدرعة كان لها دور في معارك الحق والبطولة، التيخاضتها القوات المسلحة الأردنية دفاعاً عن الوطن وثرى فلسطين.
في العيد ال55 لجلالته كان يوما ضاغطا حافلا بالعمل والعطاء، فيهذا اليوم قاد جلالته حراكاً دبلوماسياً مكثفاً عالمياً طال أبرز عواصمصنع القرار العالمي، في وقت شهد موجات لجوء غير مسبوق للجوءالإنساني السوري، حيث كان للأردن نصيب الأسد في استقبالالأشقاء السوريين. في موسكو ولندن وواشنطن حمل الملك الإنسانأوجاع الاشقاء وهموم الأردنيين، لم يترك باباً إلا طرقه لتمكين الأردنمن القيام بواجباته الإنسانية في ملف اللجوء، والذي خُذلنا فيه عبرإطلاق وعود من المساعدات و لم تصل دولارت مؤتمر لندن للمانحين الاقليلا، فبقي الأردن وحيداً يتحمل عن المجتمع الدولي تبعات اللجوءالإنساني على حساب مشاريع التنمية التي تستهدف الأردنوالأردنيين وحياتهم المعيشية.
واليوم في عيده ال 59 يحتفل جلالته بطريقته الخاصة بعيد ميلادهالميمون، فيقرر أن يتوجه بمخاطبة شعبه الوفي عبر وكالة الأنباءالأردنية "بترا"، نعم إختار جلالته منبراً إعلاميا طالما كان ولا زالمصدر فخر للإعلام الأردني، ومصدراً موثوقاً للمعلومات، ومرجعاً فيالمهنية والمصداقية، ورافعةً حقيقيةً لرسالة الدولة في الداخل والخارج.
اليوم شارك جلالته وعبر حوارية شاملة مع الزميل فايق حجازين مديرالوكالة، أفكاره ومشاعره و تطلعاته وطموحاته مع أسرته الكبيرة، أعربلنا عن حجم فخره وإعتزازه بأنه جزء من هذا الشعب الأردني العظيم، همس لنا عن الأعراض الجانبية التي أصابته جراء مطعوم كورونا، حدثنا عن أخذه للمطعوم إلتزاماً بالتعليمات، شكا بمرارة عما علقبالجهاز الإداري من شوائب، أوصانا بأن نحمي أنفسنا وأفراد أسرتناومن نحب من الفايروس اللعين كورونا بأن نلتزم بالتباعد وبالكمامة، حثنا على الصبر وأن يبقى هذا الوطن قوياً بحراسته من كل شر بدونمجاملات على حساب الاردن والأردنيين، حكالناه بعفوية الأب لافرادأسرته " بدها شدة حيل من الجميع" قالها وهو يعلم ان وراء شعبعظيم لا يعرف في قاموسه مفهوم "المستحيل".
نعم كانت ولا زالت أعياد ميلاد جلالة الملك أياماً أقل ما يمكن وصفهابأنها "إستثنائية"، حَظِي فيها الأردنيين بان يقضي جلالته أجملاللحظات بينهم ومعهم قائداً ومليكاً وأباً وأخاً، وقبل هذا وذاك إنساناً يُصّر في كل لقاء وكل تواصل مع أبناء شعبه على نهجه الانفتاحيبقوله "بدنا نسمع منكم" !! بهذه الجملة يكرر جلالته على الحضورأهمية مساعدة الديوان الملكي والحكومات بأهمية تقديم مقترحاتعملية قابلة للتنفيذ من شأنها ان تسهم في تنمية أبناء الوطن وتنعكسإيجاباً على حياتهم المعيشية، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل علىإيمان جلالته بفلسفة التشاركية في صنع القرار وتحمل المسؤولية فيصناعة مستقبل الأردن والأردنيين.
كانت زيارات ولقاءات وجولات جلالته في أعياد ميلاده رسالة واضحهلكل مسؤولي الدولة الأردنية، فالإشتباك مع المواطنين والإنفتاح علىمكونات المجتمع الأردني والإستماع لمطالب وهموم الناس والنزول الىالشارع والعمل على حل مشاكلهم من الميدان هو نهج ملكي أصيلثابت في إدارة شؤون الدولة، فان يقضي جلالته جل يومه _ وهو ليسباليوم العادي _ بين أهله وعشيرته في مختلف مناطق المملكه مناقصاها الى اقصاها، فهو حدث أكبر من ان يوصف وأعمق فيالدلالات والرسائل، التي يؤكد دوما جلالته ان عيد ميلاده هو يوماللعطاء والإنجاز والبناء.
فالحقيقة الثابته وأمام تقصير الحكومات المتتالية وابتعاد مسؤوليها عنالشارع، كان ولا يزال الملك الحاضر دوما والمتابع المستمر والراصدالحقيقي لنبض الشارع المحب له والملتف حوله، ولا يدخر جهداً سواءباتصالات او مشاركات او زيارات او اجتماعات مع أبناء الوطنللإطلاع على الواقع الحقيقي للشعب دون تزييف او تدليس! وباختصار لدينا في الأردن نعمة كبيرة نغبط عليها من دول أخرىوهي القيادة الهاشمية والتي كُلنا في هذا الوقت وكل الأوقات مدعوينالى مزيد من الإلتفاف حولها والسير بثبات وقوة خلفها والتمسك بها. عاش الملك.. وسلام الله عليك يا عبد الله!!



















