+
أأ
-

التزام حكومي بإنهاء رقمنة الخدمات في 2026

{title}
بلكي الإخباري

يشكّل إعلان الحكومة عن تفعيل بطاقات التأمين الصحي الحكومي للعلاج في مركز الحسين للسرطان عبر تطبيق "سند"، وبدء شمول 4.1 مليون مواطن بهذه الخدمة اعتبارًا من 1 كانون الثاني 2026، نقطة تحوّل في تاريخ الرعاية الصحيّة في الأردن.

 

 

وبهذه الخطوة، ينتهي عهد الإعفاءات الطبية الورقية، وتنتهي معه حلقات طويلة من الواسطة والاجتهادات الفردية والملفات المتناثرة، ليحلّ مكانها نظام رقمي موحّد أكثر عدالة وشفافية وكفاءة.

ولقد شهد ملف الإعفاءات الطبية خلال السنوات الماضية اختلالات كبيرة، كان أبرزها في عام 2022، حين قفزت قيمة الإعفاءات المقدّرة في قانون الموازنة من 95 مليون دينار إلى أكثر من 450 مليون دينار، أي ما يعادل ثلث عجز الموازنة آنذاك.

وكانت هذه الأرقام تعكس واقعًا مختلاً في إدارة الملف، حيث تحوّل إلى بوابة ضغط مالي واجتماعي، بدل أن يكون أداة لحماية الفقراء والمحتاجين، ولذلك، فإن الانتقال إلى منظومة التأمين الشامل يعتبر إعادة هيكلة كاملة لمنطق تقديم الرعاية الصحية لمرضى السرطان.

اليوم، يحصل كبار السن ممن تجاوزوا 60 عامًا والأردنيون من عمر 19 عامًا فما دون ممن لا يحملون تأمينًا صحيًا على بطاقة علاج فورية عبر الهاتف المحمول، من خلال تطبيق "سند"، وهذا التحوّل الرقمي ينهي تمامًا دور الورقة والواسطة والانتظار في الممرات الطويلة للحصول على موافقة علاج، فالمواطن، بكبسة زر، يعرف أنه مشمول، ويستطيع في اللحظة نفسها أن يرى بطاقته الرقمية الفاعلة دون مراجعات أو إجراءات مرهقة.

الاتفاقية الحكومية الموقّعة مع مركز الحسين للسرطان، والتي تبلغ كلفتها 124 مليون دينار، جاءت التزامًا صريحًا برؤية التحديث الاقتصادي وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية، فمرض السرطان يعتبر ملفًا وطنيًا بامتياز يتطلب إدارة عادلة وموحّدة، والأهم من ذلك أن كل أردني مصاب بالسرطان، سواء داخل الفئات العمرية المحددة أو خارجها، سيجد تغطية علاجية مناسبة، سواء في المستشفيات الحكومية أو في الخدمات العسكرية أو في مركز الحسين حين تستدعي الحالة تخصصًا أعلى.

إن إنهاء ملف الإعفاءات الطبية للسرطان هو خطوة إصلاحية كبرى تُسجّل للحكومة، لأنها تنقل الدولة من نظام "المعاملة الاستثنائية" إلى نظام "الحق"، ومن منطق "الاستثناء" إلى منطق "الشمول"، فلم يعد العلاج امتيازًا يحصل عليه من يعرف الطريق إلى مكتب هذا المسؤول أو ذاك، لكن حقًا رقميًا مؤمّنًا ومتاحًا للجميع.

ومع بدء تفعيل البطاقات في بداية عام 2026، سيكون الأردن أمام تجربة جديدة في الإدارة الحكيمة للموارد الصحية، وتجربة أكثر عدلاً في توزيع الخدمة، وتجربة أكثر احترامًا لإنسانية المريض وكرامته.

وبهذا المعنى، فإن إنهاء ملف الإعفاءات الطبية خطوة تقدمية في بناء منظومة العدالة الصحية في هذا الملف، ولا بد من تعميمه بشكل كامل على كل من يحتاج إعفاء من أي مرض