حسام عايش : 2026 .. عام الانطلاق الاقتصادي

يشهد الاقتصاد الأردني لحظة مفصلية تفرض نفسها بقوة مع نهاية عام 2025 وبداية الاستعداد الفعلي لعام 2026، لحظة تتجاوز توصيفها كتحسن دوري في المؤشرات، لتشكل نقطة انتقال حقيقية نحو مرحلة اقتصادية جديدة، عنوانها الجاهزية والانطلاق، بعد سنوات من العمل الإصلاحي التراكمي وبناء الأسس المالية والاقتصادية والمؤسسية الدافعة نحو الانطلاق الاقتصادي الموعود.
في عام 2025 سجل الاقتصاد الوطني تقدما مهما على صعيد النمو الاقتصادي وتحسن الأداء الكلي، بما في ذلك ارتفاع الإيرادات السياحية، وتحسن الصادرات الوطنية والكلية، مصحوبا بزيادة النشاط الاقتصادي في عدد من القطاعات الرئيسية، وتسجيل معدل تضخم يقل عن 2%.
ايضا شهد العام 2025 بدء تراجع أسعار الفائدة، التي انخفضت ب75 نقطة أساس، كما تم تعديل سنة الأساس للناتج المحلي الإجمالي، لينتج عنه إعادة احتساب حجم هذا الناتج وفق التغيرات في القطاعات المساهمة فيه، ما أسفر عن زيادة بلغت 3.6 مليار دينار في أحجام تلك القطاعات، وبالتالي في حجم الناتج نفسه، الأمر الذي خفض نسبة الدين العام إلى الناتج الجديد عند مستوى 82.8%، ما أتاح حيزا ماليا أفضل أمام الحكومة، وسمح لها بالاقتراب من تحقيق ما تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي بشأن خفض المديونية بدون دين الضمان إلى نحو 80% من الناتج بحلول العام 2028، ناهيك عن خفض نسبة العجز إلى الناتج، وتحسين مجموعة من المؤشرات المالية والاقتصادية ذات الأهمية في مسار الإصلاح، بما فيها تراجع نسبة عجز ميزان المدفوعات إلى الناتج المحلي، وتعزيز الاستقرار المالي والنقدي.
المهم أن هذه النتائج جاءت في إطار مسار متماسك، يعكس الإرادة الحكومية باعتماد سياسات اقتصادية فعالة لتحقيق نتائج ملموسة، لا سيما في ظل بيئة إقليمية ودولية معقدة، الأمر الذي عزز الثقة بالاقتصاد الأردني، ورفع من مستوى التفاؤل بقدرته على الانتقال من مرحلة إدارة التحديات إلى مرحلة صناعة الفرص وتحقيق النمو المستدام.
وعليه يدخل الأردن عام 2026، وقد أنجز متطلبات الانتقال إلى مرحلة اقتصادية جديدة، بعد أن تم إقرار الموازنة العامة في وقت مبكر، والتحضير المسبق لمباشرة المرحلة الثانية من رؤية التحديث الاقتصادي، مع الجاهزية للبدء بانطلاق تنفيذ مشاريع استراتيجية كبرى في قطاعات حيوية، ما يجعل عام 2026 واحدا من أهم الأعوام، لكونه يمثل بداية الانطلاق نحو الاقتصاد الأردني الجديد، القائم على نمو تصاعدي، ومشاريع استراتيجية، وضبط مالي مصحوب بإنفاق رأسمالي موجه، وتحسين تدريجي في مستويات المعيشة، وتبني حلول مبتكرة للتحديات والمشكلات، ضمن مسار مستدام من التطور التراكمي في الإنجازات، وفي عوائدها الاقتصادية والاجتماعية.
في هذا السياق يفترض أن الحكومة قد وضعت الخطط والبرامج والسيناريوهات، التي تضمن المضي قدما نحو إنجاز المرحلة الاقتصادية الجديدة، حتى لو واجهت المسيرة تحديات هنا أو مشكلات هنا، في ظل سياسات مرنة ومبتكرة، وإصلاحات هيكلية جوهرية، ما يضع الحكومة أمام مسؤولية كبيرة في تحويل الاستعدادات والمؤشرات المشجعة إلى أداء اقتصادي فعلي، يتجاوز تقديرات الموازنة نفسها، بما في ذلك تحقيق معدلات نمو أعلى، وتوسيع قاعدة التشغيل، وتحسين نوعية الحياة للمواطنين.
العجلة الاقتصادية في العام 2026 يفترض أنها ستدور بثبات وقوة وتصاعد، مدفوعة بعوامل داعمة وفرص قوية، وليس هناك ما يمكنه إيقافها، إذا ما أحسن استثمار هذه اللحظة عبر التنفيذ الفعال لما تعهدت به الحكومة، وتسريع إنجاز المشاريع لتكون حاضرة في مواعيدها، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وتحفيز الاستثمار المنتج.
هنا تكمن أهمية المرحلة الجديدة، فالنجاح فيها يعني ترسيخ مسار اقتصادي عصري وطويل الأمد، قادر على نقل الأردن إلى أفق أوسع من النمو والاستقرار، بينما يشكل التباطؤ بالمضي قدما بها تفويتا لفرصة قد لا تتكرر بهذه الجاهزية وهذا التفاؤل

















