+
أأ
-

د.نهلا عبدالقادر المومني تكتب :- تعديلات نظام المركز الوطني لتطوير المناهج وأهداف التنمية المستدامة

{title}
بلكي الإخباري

 

 

يشكل تعديل نظام المركز الوطني لتطوير المناهج مؤخرا خطوة في الاتجاه الصحيح والنوعي أيضا في إطار سعي هذا المركز إلى المضي قدما في تطوير المناهج، التي تشكل الركيزة الأبرز والأهم في مسار النهوض والارتقاء بالعملية التعليمية في الأردن.

 

أهمية هذه التعديلات تنبع من كونها توسع من صلاحيات المركز، وتضيف مهام جديدة هو أهل لها، بعد أن وضع أرضية راسخة لعمله في تطوير المناهج وجعلها أكثر عمقا وأكثر قابلية للتطبيق في الوقت ذاته، وربطها مع حياة الطالب وربط المناهج بعضها ببعض في الوقت ذاته، ومواكبتها للتطورات المختلفة وإدماجها مبادئ حقوق الإنسان وغير ذلك الكثير.

ما يستدعي التوقف مليا طبيعة التعديلات المدرجة والمتمثلة أبرزها؛ في إنشاء بنك الأسئلة الوطني المحوسب والذي من شأنه ضبط العملية التقييمية، وضمان موثوقية أدوات القياس والتقييم وفق نهج متسق يؤدي إلى تعزيز قيم العدالة التعليمية وثقافة الشفافية، وهو ما ينعكس إيجابا على بقية عناصر العملية التعليمية. كما أدخل النظام مصطلحات تتواءم والقضايا الناشئة والتطورات التكنولوجية مثل المحتوى التعليمي الرقمي، وكذلك إعادة تعريف المنهاج ليتضمن الأنشطة اللامنهجية والتنوع في البيئات التعليمية.

وفي سياق متصل تضمنت التعديلات إدراج مرحلتي رياض الأطفال ضمن مراحل التطوير التي يتولى المركز الإشراف عليها؛ وهو ما يعكس التزام الدولة الأردنية نحو هذه الفئة والسعي لتصبح مرحلة الزامية، ويعد تولي المركز الوطني لتطوير المناهج ما يتعلق بهذه الفئة ضابطا مهما في وضع مناهج تحاكي الخصائص النمائية لهذه الفئة المهمة وفق معايير علمية موضوعية متخصصة؛ وهو ما يسهم في بناء شخصية الأطفال في هذه المرحلة المفصلية بناء يتسم بالتوازن وترسيخ القيم حماية لمرحلة الطفولة المبكرة هذه من أي انعكاسات سلبية عليها نتيجة أي مناهج تقدم لهم دون وجود معايير وضوابط علمية ونفسية واجتماعية لها.

وفي الإطار ذاته تضمنت التعديلات ما يتعلق بإعداد أسس فنية واضحة لتقييم المناهج وتحليل نتائج التعلم ومراجعة الملاحظات التي تأتي من التطبيق؛ وهو ما يؤدي إلى تطوير المناهج أولا بأول بصورة تحاكي الواقع العملي وتتجاوز تحدياته. كما تضمنت التعديلات مسألة جوهرية أيضا تتمثل في تعزيز دور المجلس التنفيذي للمناهج ليصبح جهة رئيسية في أعداد السياسة العامة للمناهج ومراجعة المواد التعليمية وأدلة المعلمين وتقديم التوصيات للمجلس الأعلى وهو الأمر الذي يعزز الأبعاد المؤسسية في عملية اتخاذ القرارات ذات العلاقة.

إذا هذه التعديلات من شأنها أن تؤدي إلى نتائج عملية ونوعية أبرزها رفع كفاءة وجودة الامتحانات كأداة تقييمية، ومواءمة المناهج والواقع العملي والقضايا الناشئة والتطورات التكنولوجية وسوق العمل أيضا، وتحسين مخرجات التعلم بصورة عامة مما يعني بالنتيجة النهوض بمكونات وعناصر العملية التعليمية بأكملها لتمسي بيئة قادرة على بناء الشخصية الإنسانية المتوازنة، المؤمنة بالتعددية وتقبل الآخر واحترام حقوق الإنسان والمزودة بالمهارات والقادرة على ربط المعرفة بالواقع العملي وتوظيفها مستقبلا واستدامتها. 

وعلى صعيد آخر فإن هذه التعديلات تتواءم وأهداف التنمية المستدامة (2030) وتحديدا الهدف الرابع المتعلق «بضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة»، وخاصة مقاصد هذا الهدف وأبرزها تنمية الطفولة المبكرة والتعليم قبل الابتدائي وزيادة المهارات اللازمة وضمان التعليم المنصف ذي الجودة في المراحل كافة، وضمان أن يكون التعليم من أجل التنمية المستدامة. 

إن هذه التعديلات وهذه الرؤية الطموحة ولضمان نجاحها واتساقها مع متطلبات ومكونات العملية التعليمية الأخرى  تتطلب تضافر الجهات ذات العلاقة كافة وتوحيد جهودها وصولا لهذه الأهداف وهذه الرؤية التي يسعى الأردن إلى تحقيقها في القطاع التعليمي الذي يوليه الاهتمام والأولوية دوما لإيمانه بالموارد البشرية كرافد محوري في العملية التنموية الشاملة