امجد الحباشنة يكتب ..الإنحطاط الفني في العالم العربي :

المتابع للمشهد الفني في العالم العربي يستطيع أن يلمس بوضوح حالة الإنحطاط والهبوط التي وصل إليها الواقع الدرامي العربي نتيجة جملة من الأسباب المتعلقة بالمرجعية الثقافية للمنتج وطبيعة البلد المنتج وعمقه الحضاري وطبيعة المتلقي العربي الذي أصبح عبدا للمادة الإستهلاكية .
تستطيع أن تلمس تلك الهوة بين جمال الإبداع وتوظيف الأفكار الإجتماعية والوجودية دراميا حيث محاكاة العقل ومخاطبة الوجدان المرتبط بالمكان والذاكرة والتساؤلات الفلسفية التي يمثلها عمل فني من طراز (مرايا ) للمبدع العربي ياسر العظمة وبين سذاجة الفكرة وغياب الهدف وهيمنة الآلة والشكل وسخافة المضمون التي يمثلها عمل فني من طراز (رامز مجنون رسمي ) يقدمه شاب سادي هابط ثقافيا ونفسيا .
هذا الإنحدار الفني لا يمكن فصله عن حالة الإنحطاط السياسي والثقافي والتعليمي الذي يعيشه العالم العربي بعد أن تم تدمير المدن والعواصم المركزية (بغداد ودمشق والقاهرة ) واستبدالها بعواصم بلا هوية عواصم أسمنية بلا روح تعلوها أبراج من العقار والثراء الفاحش لمجاميع من منتجات النفط الأسود وغسيل الأموال .
مع مسلسل مرايا كنا أمام قيمة كبيرة لمنتج فني مصدره القرى والأرياف والضيع وحارات دمشق العتيقة وبادية بلاد الشام حيث حركة الإنسان والإضاءات على فلسفة الوجود البشري واقتفاء أثر الموقف الجمالي الكثيف من خلال تسليط الضوء على المواقف الإنسانية العابرة وشحنها جماليا ودلاليا بتكلفة انتاج زهيدة جدا
ولكننا اليوم مع رامز أصبحنا أمام غياب تام للفكرة في جغرافيا كوميدية معزولة عن المجتمع أمكنة مليئة بالآلات والمعدات والأستديوهات الفاخرة حيث لا وجود للارض والإنسان لا وجود لأي معنى سوى عبثية الثراء الفاحش وتسليع الإنسان وأمتهان كرامته مقابل حفنة من الدولارات في غياب تام للمتلقي المنتج نتيجة ضياع الفكرة وحضور الشكل المزيف لموقف كوميدي ساذج بطله نجم رخيص ارتضى أن يكون أرجوزا .
بين مرايا ورامز تاريخ طويل من التخريب الممنهج والتسليع الممنهج للإنسان العربي وللمشهد الفني برمته .
أمجد حباشنة



















