+
أأ
-

#فلسطينيات | منقوشة زعتر !

{title}
بلكي الإخباري





الكاتب الصحفي : خالد عيسى










صباح فلسطين الطازج ، ينهض ضاحكا لرغيفه " السخن " ، أنفاس الأرض في شهيق الميرمية ، وزفير ثاني أوكسيد الزعتر ، الأرض حين تنقش بلادها في استدارة الوجه الصبوح بطيبة وجوه الأمهات ينهضن مع الندى ، يعجنّ بالحب الخالص رغيف صباحنا حوّل غفوة سريرنا ، ويعزفن كعازفات بيانو بأصابعهن العشرة المغمسة بالزيت والزعتر مناقيش غير قابلة للنقاش حين يفوح عبيرها في احتراق الزعتر في رحيق زيت الزيتون على خبز الطابون ، حين يخرج من فرنه وهو " فارط من الضحك " من رغيفه السخن !
قوم يمّا !
فلسطين الأم حين توقظك في الجليل ، وقد نقشت لك بلادك بطيبة استدارة وجه المرحومة أمك ، وتقف على سريرك ، لتوقظك من أنفك برائحة الأرض تفوح في منقوشة زعتر .
وأخيرا " نقشت معك " أيّها الفلسطيني العائد .. وأنت تصحو على منقوشة زعتر مثل استدارة الناصرة حول صباحك ، بعبق زيت زيتون " عين ماهل " حين يدلل زعتر الجليل ، ويطلقه ضاحكا على خبز الطابون .
تحدّق في بصمات أصابع أمك ، وقد نقشت حنينها على خبز بلادها كفاف يومها الذي لم تكف يوما في مخيمات التشرد عن اللهفة له ،وماتت .. ولم تنقش أصابعها مناقيش بلادها ، وتدمع " للرغيف السخن " الذي يخرج من الطابون ضاحكا من رغيفه السخن !
في قريتي الشجرة المدمرة قطفت حفيدتي شتلة زعتر كانت تمد رأسها من بين أنقاض بيت جدّي الذي دمرته عصابات الهاغانا وشترين في نكبة 48 ، ووقفت واجما حين هرع ابن عمتي الى حفيدتي ونزع منها شتلة الزعتر ، لاكتشف منه ان اسرائيل تمنع قطف الزعتر وتضع غرامة مقدارها ألف دولار لمن يضبط في "جريمة " قطف زعتر بلاده ، بكت حفيدتي الصغيرة على زعترها الممنوع وقتها ، وبعدها بأيام قليلة كنت " فارط " من الضحك من غباء اسرائيل وانا أقضم منقوشة زعتر بمطعم ابو العافية في يافا ورائحة زعترها يعبق في أنف تل أبيب ، التي تضع غرامة لمن يقطف زعتر الجليل وتشتري مناقيش ابو العافية في يافا !
قوم يمّا
صباح فلسطين حين يشرق بمنقوشة زعتر تهرهر عنه السمسم كما فلسطين تهرهر عنها الغزاة في يوم سيأتي ينتصر فيه خبز الطابون على " خبز مصة " وننقش صباح بلادنا كما يحلو لنا ، و"نبوس " أصابع الأمهات التي تنقش كل صباح بلادها في منقوشة زعتر تقطفه حفيدتي بحرية في الجليل ، وتخبزه الناصرة في استدارة وجه المرحومة أمي ، ويوقظني برائحة الحنان والحنين .
منقوشة زعتر .. نقاشنا المفيد في حوار الطرشان في هذا " الصداع السياسي الفلسطيني الذي نصحو فيه كل صباح على شعب واحد توحده منقوشة ويفرقه نقاش بيزنطي بين بيضة الأرض ودجاجة السلام !