اسرائيل مرتبكة .. شجاعة قاتل القناص وإرادة أصحاب النفق تثبت ذلك !

لم تتعافى إسرائيل بعدُ من صدمتها الأولى إثر مقتل قناص إسرائيلي على يد ثائر فلسطيني عند حدود غزة، لتتلقى صدمة ثانية أشد وطأة من سابقتها بعد فرار مجموعة من الأسرى الفلسطينيين من أحد أكثر سجونها أمنا شمال فلسطين.
ستة أسرى فلسطينيين تمكنوا من الفرار من سجن جلبوع فجر يوم الاثنين، عن طريق فتحة نفق كانوا قد حفروه من داخل السجن، في عملية فرار معقدة من أشد السجون الإسرائيلية حراسة.
إسرائيل والتي تتغني بأفضليتها الأمنية والعسكرية على شعوب المنطقة، وتحاول إغراء دول العالم بالتطبيع والاستعانة بأجهزتها الأمنية، لم تستطع أن تمنح جيشها ولا شعبها الامن والأمان، أمام التحديات الكبيرة التي تحيط بها.
فعلي حدود غزة، قتل أفضل جنودها وأكثرهم مهارة قتالية، على يد فلسطيني أعزل لا يمتلك قوت يومه، لتشتعل الأرض في وجه القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، ووصلت المطالب بتنحيتهم وتحميلهم مسؤولية اخفاقاتهم في مواجهة التحديات.
الفشل لم يكن حليف جبهة بعينها، فإسرائيل مليئة بالتحديات الداخلية والخارجية، فلا يكاد سيتلاشى الاهتمام الإعلامي والشعبي بقضية ما، لينتقل الحديث والنقاشات لقضية أخرى، الأمر الذي قد أحدث إضرار بالثقة داخل مؤسسات القيادة الإسرائيلية من جهة، وبين الجمهور والجيش من جهة أخرى.
إسرائيل مرتبكة
حالة عدم الاستقرار السياسي التي عاشتها إسرائيل خلال السنوات الماضية، أوجدت أضعف ائتلاف سياسي بين اليمين واليسار بزعامة نفتالي بينيت، الأمر الذي خلق حالة من عدم الاستقرار الأمني في البلاد، وعلى مختلف جبهاتها.
فحادثة مقتل القناص الإسرائيلي على حدود غزة، أوجد حالة من السخط داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث شن العديد من قيادات المعارضة هجوماً لاذعاً على رئيس الوزراء بينيت، ووزير جيشه بيني غانتس، واتهموهم بالعبث بأمن إسرائيل.
كما تم وصف رئيس الحكومة كمن أنزل كارثة أمنية على دولة إسرائيل، رغم أن سلفه في هذا المنصب لم يطرح خلال 12 سنة أي حل، سياسي أو عسكري، للمواجهة في غزة، بل سمح بإدخال الأموال النقدية شهرية من قطر للقطاع خلال ثلاث سنوات تقريباً.
بعد الإطاحة بنتنياهو، بدأ وكأن الأجواء هدأت من جديد وأن استقراراً سياسياً حل بالبلاد، لكن سرعان من نظمت المظاهرة في تل أبيب رداً على قتل شموئيلي، وسمعت دعوات لقتل بينيت، ليتبين لنا أننا لا نحتاج الكثير لإعادة استدعاء الوحي البغيض من الماضي.
الجيش الإسرائيلي هو الآخر كان هدفاً لانتقادات عائلة القتيل شاموئيلي، حيث جاء قائد منطقة الجنوب، اليعيزر طوليدانو، إلى بيت العائلة ليعرض عليها نتائج التحقيق العسكري في الحادثة، مع قائد الفرقة وقائد اللواء، وقد تعرض لهجوم شخصي شديد وصل لحد طرده وتمزيق ورقه نتائج التحقيقات.
اللافت هنا أن ما يحدث في أي جبهة لا يقتصر أثره عندها، بل يؤثر بشكل سيئ أيضاً على دوائر أخرى، وتضر بعلاقة القادة الإسرائيليين مع الجمهور، وهذه الاضطرابات تؤثر أيضاً على عائلات جنود الجيش التي تمارس عليهم الضغط لترك وظائفهم التي تعد فيها خطر على حياتهم.
إخفاقات متتالية
منذ عملية "حارس الأسوار" نالت إسرائيل سلسلة من الإخفاقات التي وصلت حد الإطاحة برأس الحكم في إسرائيل بنيامين نتنياهو، وتشكيل الائتلاف الهش بين اليمين واليسار برئاسة نفتالي بنيت.
بينيت والذي حاول مراراً وتكراراً التغني بتغيير المعادلات مع الفلسطينيين بشكل عام، ومع غزة بشكل خاص، فشل في تحقيق أهدافه، ويخشى الدخول في مواجهة مع الفصائل الفلسطينية تنهي حياته السياسية.
وعلى الصعيد الميداني لا زال الضغط الشعبي من قطاع غزة، يفرض نفسه على صناع القرار في إسرائيل، والتي باتت مشتتة بخيارات التعامل مع الواقع الأمني على الحدود، في الوقت التي رفعت فيه الفصائل الفلسطينية سقف مطالبها لتخفيض التوتر مهددة بالدخول في مواجهة جديد حال استمر التلكؤ الإسرائيلي في رفع الحصار وبدء عملية الإعمار
كما شكلت عمليه فرار السجناء الفلسطينيين الستة، صفعة للمنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، حيث تمكن السجناء الفرار من أحد السجون الذي يضم من تصنفهم إسرائيل بالخطيرين، وهو أكثر السجون تشديداً في الأمن والحراسة.
الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي محمود مرداوي قال "إن عملية الهروب المباركة هذا الصباح تشكل ضربة تحت الحزام للأمن الصهيوني، إذ أن مديرية السجون وأجهزتها المختلفة تتخذ عدة إجراءات لمنع حدوث عملية هرب من هذا النوع".
وأضاف مرداوي، "هذه العملية موجعة جدا للأمن الاسرائيلي، وتذكر بعملية الهرب من سجن عسقلان والتي وصفت بالعملية الهوليوودية نظراً لدقتها وبراعة تخطيطها وشجاعة من قاموا بتنفيذها في حينه".
الجنرال احتياط افي بن ياهو، اعتبر أن هذا الهرب من نفق حفره ستة سجناء أمنيين في سجن شطا، هو إخفاق كبير جداً يكشف عن أوجه قصور خطيرة للغاية في المخابرات والأمن بالمنشأة.
ونقلت القناة 12 العبرية، عن مسؤول كبير في الشرطة وصفه لحادثة هروب الأسرى الأمنيين من سجن جلبوع بأنه أحد أخطر الحوادث الأمنية في البلاد بشكل عام.
ضربة موجعة لم يدرك قادة إسرائيل ما حصل فيها، وما عليهم أن يفعلوا في مواجهة ذلك الحدث الأمني الكبير، فكان تكثيف النشاط الأمني والاستخباري أحد الوسائل، وأعلن عن نصب العديد من الحواجز في محاولة للوصول إلى السجناء الفارين.
يبدو جيداً أن تثور الجبهة الداخلية الإسرائيلية على قادتها، بسبب الإخفاقات التي منيت بها على مدار الأعوام الماضية، والأفضل من ذلك أن تصل حدة النقاشات لأماكن لا يحبب أن تصل إليها داخل أروقة المنظومة الأمنية، لنصل إلى إبقاء يد إسرائيل مشلولة خوفاً من الإخفاق. عكا نيوز


















